الثلاثاء، سبتمبر ٠٦، ٢٠٠٥

كلها بلاد الله

من يومين كدة، فتحت التلفزيون الساعة خمسة الصبح، فوجدت إعادة لبرنامج: "كلام نواعم" الذي تقدمه قناة إم.بي.سي،
البرنامج يقدمه فريق من المذيعات من جنسيات عربية مختلفة أكبرهن سناً مذيعة مصرية أعتقد أن اسمها معروف لأنها كاتبة أو شيء من هذا القبيل ولكني لا أذكره للأسف
كانت الحلقة مميزة، استضافوا فيها الإعلامية السعودية "رانيا الباز" التي تعرضت للضرب المبرح من قبل زوجها وشارفت على الموت، وتبنت حالتها إحدى الأميرات وكانت محظوظة أن عاد وجهها الذي كان قد تحول لحلبة مصارعة إلى حالته الطبيعية، حكم لها القضاء بأقصى العقوبة ولكنها تنازلت وعفت عن الزوج لأسباب كثيرة ذكرتها وخلصت الشغلانة
ما خلصتش قوي: برنامج "أوبراه" الذي تقدمه المذيعة "أوبراه وينفري" في التلفزيون الأمريكي قام بمناقشة قضية رانيا الباز، وطبعاً ثارت كرامة العروبة وقام كل من عنده شوية عروبة لتسميع كتاب المحفوظات من أول قصيدة: "ما ده بيحصل في كل حتة" لحد مرثية "وهما مالهم بينا" مروراً بمعلقة "المؤامرة" وطقطوقة: "تشويه صورة الإسلام في الغرب"
الطامة الكبرى كانت إن "أوبراه" ختمت الفقرة بقولها: "الحمد لله إننا في أمريكا مش في السعودية"
المذيعة المصرية في برنامج كلام نواعم زعلت قوي من الكلمتين دول، وقالت لرانيا الباز ما معناه:
"هي إزاي تقول كدة؟"
رانيا الباز: "لازم نعترف بالحقيقة، هي السعودية زي أمريكا؟"
المذيعة: "معلش أنا حاسة في كلامك بانبهار بأمريكا وتقدم أمريكا، معلش يعني هي أمريكا دي عمرها كام سنة؟ والسعودية بقى عمرها كام سنة؟"

مافهمتش الغرض من السؤال: "السعودية السعودية يعني عمرها بتاع ميت سنة أو أزيد شوية أو أقل شوية، وأسسها الملك سعود ومازال أولاده المباشرون يحكمون حتى يومنا هذا، أما لو كانت تقصد عمر الأرض فهو نفس عمر أرض أمريكا على ما أظن، ما أعتقدش إن أرض القارة الأمريكية نشأت بعد أرض القارة الأسيوية بكتير، بس اشتميت في كلامها ريحة الحجة الخايبة بتاعة السبع تلاف سنة حضارة، بس معلش، دي إن نفعت مع مصر، أكيد تبقى مسخرة لما تتقال على السعودية
بهذه المداخلة البسيطة المذيعة عايزة تقولنا إن السعودية زي أمريكا، ده إن ماكنتش أحسن من أمريكا، هي مش الشوارع مليانة عربيات "هامر" و"لاند روفر" و"لاند كروزر"؟ هي مش مراكز التسوق مليانة محلات: "لوي فيتون" و"كريستيان ديور" و"شانيل" وكافة أسماء الجادة الخامسة الشهيرة؟ يبقى إزاي بقى السعودية مش زي أمريكا؟
اليومين دول بأحاول أمسك النظريات لأخرها وألعب لعبة عصف ذهني من نوع "ماذا لو"، ولأن السعودية زي أمريكا فلنفترض هذا السيناريو:مثلما يحدث كل يوم في كل أنحاء العالم يوسع زوج أمريكي زوجته الأمريكية ضرباً حتى تصاب باصابات تستدعي ذهابها لغرفة الطوارئ: تلملم الزوجة نفسها وتنزل من البيت، تفتح باب سيارتها وتقودها إلى غرفة الطوارئ
مثلما يحدث كل يوم في كل أنحاء العالم يوسع زوج سعودي زوجته السعودية ضرباً حتى تصاب باصابات تستدعي زيارة لغرفة الطوارئ تلملم الزوجة نفسها وتلبس الخيمة وتنزل من البيت تدور على تاكسي ابن حلال يرضى يوصلها لأنها ممنوعة من قيادة السيارات
بلاش دي، نفترض الزوجتين مش في حالة تسمح لهم بقيادة سيارات أصلاً
كارول ركبت التاكسي وراحت المستشفى
على باب الطورائ جابوا لكارول كرسي بعجل ودخلوها في ظرف دقيقة لتلقي الرعاية الطبية
صفية ركبت التاكسي وراحت المستشفى
على باب الطوارئ قالولها: عندك يا امرأة؟ فين المحرم بتاعك؟ إنت مش عارفة إن الطوارئ ما بتستقبلش حريم من غير محارمهم؟ (ملحوظة: هذه ليست نكتة)
طبعاً لن نعدم من يقولنا: "طب ما تتصل بحد من محارمها؟ هي شغلانة؟" لأ طبعاً مش شغلانة على شرط استيفاء اتفاقها مع الموت إنه يستنى محارمها – بالرغم من إنه ما استناش على البنات إللي اتحرقوا في المدرسة لما مُنِعَت قوات الإطفاء من الدخول لأن البنات في المدرسة بيبقوا من غير الحجاب الشرعي – واتفاقها كمان مع الموت والحياة إن يكون لها محارم ذكور غير الزوج إللي أوسعها ضرباً على قيد الحياة ويكونوا في مكان قريب يسمح لهم بالوصول قبل أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً، ده طبعاً بعد النواحي الانسانية التانية إللي متهمش حد إللي هي انتظار انسان مصاب بدون علاج لحد ما ربنا يسهل
كارول اتعالجت
وصفية اتعالجت
كارول راحت تعمل محضر في جوزها إللي عايز قطم رقبته، قالولها تحقيق الشخصية، ادتهلهم وعملت المحضر
صفية راحت القسم تعمل محضر في جوزها قالولها: تحقيق الشخصية يا ست
صفية قالتلهم ما عنديش: "ولي أمري" لم يوافق على استخراجي لتحقيق شخصية (ملحوظة: دي برضه مش نكتة)
كارول قررت تطلق هولاكو إللي هي متجوزاه، وتعيش وحدها من شغلها وأجرها
صفية قررت تطلق دراكولا إللي هي متجوزاه وقانون الخلع يسمح لها بذلك بعد رد ما أمهرها، لقت 9 أعشار أبواب العمل مقفولة في وشها لأنها ممنوعة من 9 أعشار الأعمال بأمر الهيئة ولو ما قدرتش تشتغل مدرسة في مدرسة بنات أو ممرضة ما قدمهاش غير إنها تشتغل خدامة حتى لو كانت قدراتها أعلى من كدة وتقدر تنتج في مجالات أعلى من تنظيف المنازل
كارول مش محتاجة أب ولا أخ ولا أي شخص "يتولى أمرها" ويشيل همها وهي انسان يقدر يشتغل وينتج
صفية ما قدمهاش غير تقعد زي خيبتهم تستنى المصروف إللي بيديهولها "ولي أمرها"
كارول مش هتسمع بعد محنتها دي واحد في التلفزيون بيقول: "ضرب الزوجات حلال"
صفية هتبقى قاعدة في البيت وتتفرج على مبروك عطية وهو بيصحح لبتوع حقوق الانسان: "الراجل إللي يضرب مراته مش راجل متخلف ده راجل عارف دينه"
وواحد تاني يقعد يوضح طرق وارشادات الضرب إزاي، يجوز كانت موضوع الدكتوراة بتاعه، من أول مسألة السواك لحد موضوع العشر جلدات وعدم الضرب في الوجه أو في مناطق الجمال
فتقول صفية: شوف الراجل قليل الدين، ضربني في وشي، مش كان يخللي عنده دم ويضربني في بطني ولا في رجلي، أديك هتروح النار يا عديم الدين
ويمكن زوجة ثانية: هند ولا شيماء ولا نور تسمع إنه الضرب حلال: "طالما مش مبرح" فتحمد ربنا على جوزها إللي عارف دينه كويس وبيضربها كل يوم علقة لكن عمرها ما بتنزل دم ولا تسيب كدمات، أصل جوزها ربنا يوعد كل الزوجات مخبر، وده شغله بقى
وكارول لو بطريقة ما عرفت محتوى البرنامج هتقول الحاجة المنطقية الوحيدة: "الحمد لله إننا مش في السعودية، وإننا في أمريكا"
لكن غير الحاجات البسيطة دي السعودية طبعاً زي أمريكا، هي مش كلها بلاد الله؟



هامش: رد مقدماً: عارفة إن مش كل الرجالة بيضربوا زوجاتهم وعارفة إن ده بيحصل في كل أنحاء العالم، وعارفة إن العنف المنزلي قضية عالمية، إلخ ... إلخ ... إلخ... بس سؤالي: ليه ما بنستناش لما نص الناس تقتل النص التاني وبعدين نقول: "لا دي كدة ما بقتش قضية فردية ولازم نتعامل معاها، ليه لو واحد بس قتل واحد تاني بنعتبر إن فيه جريمة حصلت ولكن في قضايا حقوق الانسان عايزين نستنى لما كل الستات ينضربوا وكل الأطفال يغتصبوا وكل المساجين يتعذبوا قبل ما نقول: "إحنا عندنا مصيبة لازم نفكر فيها"، الفرق بيننا وبينهم مش إن إحنا عندنا وهما ما عندهمش، الفرق بيننا وبينهم هما بيتعاملوا إزاي مع إللي عندهم وإحنا بنتعامل إزاي مع إللي عندنا؟

<
eXTReMe Tracker
Office Depot Coupon Codes
Office Depot Coupon Codes