نقابة العلميين بتقولك الكنكة في الرمالة
النص التالي هو نفس القصة برؤية مسرحية كوميدية غامقة
نادي المنادي في الحارة:
يا أهل حتتنا يا فللي
المعلمين ... بتوع العلم ... مش بتوع الأدب
عاملين فرح
فرح النووي
وكلكم معزومين ... وفيه أكل ومطربين، هيحكولكم عالنووي، كله بيسمع النووي النووي ... إحنا بقى معلمين النووي، يا أهل الحارة الكرام اتفضلوا ... المعلمين دابحين ... كرامة للنووي
(يدرك النداء البعض منا، من ضمنهم صاحب الأشجار وأنا ونقرر حضور فرح النووي)
المشهد الثاني:
في الصوان الكائن بنقابة المهن (العلمية) المطرب شغال على ودنه وكل معلمين النووي موجودين فعلا والتلفزيون والجرايد وكل ما تشتهيه الأنفس
المعلمين... مين
بتوع العلم ... العلم
وبتوع النووي ... نووي
بتوع النووي ... نووي
ألف مرة
بتوع علمي بس ... بس
وبتوع أدبي لأ ... لأ
بتوع أدبي ... لأ
ألف مرة
ورقصني يا جدع
بينما الفرح شغال والمطرب مديها على ودنه والتلفزيون بيصور و"المسيعة" بتوضب شعرها، يبدأ بعض التوتر في الخلفية، أحد المعلمين الكبار يلاحظ حاجة تقلقه
المعلم الكبير: مين يا وله الاتنين إل هناك دول؟
صبي المعلم: مش عارف يا معلمي، ماشفتهمش هنا قبل كدة
المعلم الكبير: ليكونوا حكومة يا ووله (يضربه قلم على قفاه) ... مش قلتلك تتقصى الناس يا مغفل
صبي المعلم: وأنا مالي يا معلمي ما الفرح مفتوح عالحتة كلها
المعلم الكبير: أروح أشوف ... جتكو البلاوي مالكمش لازمة... لامم حواليا شوية ثيران
المعلم الكبير: يا أهلا ... إنتوا مين عدم اللامؤاخذة؟
عمرو: إحنا مصريين
المعلم الكبير: أيوة يعني تبع مين؟
عمرو: تبع مصر
المعلم الكبير: فين بطاقتك يا سيد؟
عمرو: ليه؟
المعلم الكبير: نتعرف على شخصيتك
عمرو: أنا سجلت اسمي
المعلم الكبير: نشوف البطاقة برضة
عمرو: لأ ... ما تشوفش البطاقة
أنا: تشوفوا البطايق ليه؟ ياالله يا عمرو الموضوع ما يستاهلش
المعلم الكبير: طب مش هتمشوا بقى
يمسك المعلم الكبير عمرو ويدفعه خارج القاعة
المعلم الكبير: لم الصبيان يا حكشة ... قولهم الكنكة في الرمانة... دول بايينهم جايين يسرقوا النقابة ... اقفل الباب من تحت يا وله
(يتجمع حوالي نصف دستة من الصبيان)
أنا (في وصلة ردح مناسبة للموقف): نقابة إيه إل نسرقها ... دانتوا بقالكوا سنة ما دفعتوش معاش النقابة
حالة ما بين الدفع والجذب لثلاث طوابق
أمام الباب الخارجي للمدبح يتم التحليق علينا ويحكم شخص يده أعلى ذراعي، مما يجعلني أنتبه إن الموضوع خرج عن مجرد الدفع والجذب، فأستعمل أقوى جزء في جسدي ... الحنجرة، فأخاطب الصبي
أنا: ما تمدش إيدك علي أحسن هأعملك مصيبة هنا دلوقت
عمرو: إيدك تحت
(فلاش يضرب بينما تتابعنا الصحافة الموجودة)
أنا: الفلاش ده ضرب منين؟ إنت؟ صورت ... انشر بقى نقابة العلميين بتعمل إيه مع إل بييجوا يحضروا ندوة
بدافع من الخوف أفعل ما لم أفعله عمدا من بداية الخناقة .. أعلن إن أمي "مدير عام في المكان الفلاني" وهو ضمن نطاق معلمين النووي وإنني آسفة إني سمعت كلامها وجيت
يتراجع المعلم وصبيانه على ما يبدو، حين ننزل للخروج من الباب نجده فعلا مغلق.
عمرو: تعال افتح الباب
يفتح أحد صبيان المعلم الباب
في الخارج يتبعنا الصحافي صاحب الصورة ويصر على نفس السؤال: "طب إنتوا تبع إيه؟"
أفكر الآن فعلا في رد السؤال: هو إحنا تبع إيه؟
ستار
في البيت أجد خدوش وعلامات أصابع أعلى ذراعي، لا أعرف إن كان صبي المعلم أمسكني بقوة أم هي عادة أوعيتي الدموية في الانخداش بسرعة ... أخلع السترة لتتفرج أمي على العلامات لتفرح بزملائها بتوع العلم وعلى كل الحال العلم لا يكيل بالبدنجان
الوضع حتى تاريخه إن مكالمتنا مع وكيل النقابة والتي أعرب فيها عن استيائه لم تسفر عن أي شيء واضح. قال الرجل إنه سيحقق في الموضوع "وإنهم" أخبروه إن "الخناقة" كانت مع اتنين "رفضوا التسجيل". وكيل النقابة كان المحاضر وقت حدوث المعمعة. كونهم أخبروه يعني إنه يعرفهم.
وإليكم مشهد ختامي لطيف يخفف من سخافة الموضوع – أو يزيدها حسب الزاوية التي تنظر منها.
أمي تطلب النقابة بالتلفون بعد أن عرفت ما حدث
أمي: آلو
السويتش: آلو
أمي: إديني حد من "..." أكلمه
تيب تاب توب
عبد الواحد: آلو (وعبد الواحد كيميائي شاب في مقتبل حياته)
ماما: مين معايا؟
عبد الواحد: أنا عبد الواحد
ماما: أيوة يا عبد الواحد ... إزيك؟ أنا "..."
عبد الواحد: أنا كويس يا مدام.. إزي حضرتك
ماما: الدكتور حبيش (النقيب) موجود يا عبد الواحد؟
عبد الواحد: لا يا مدام ده مش بييجي غير يوم السبت، بس إل بيقوم بالعمل بداله الدكتور حشاد الوكيل
ماما: طيب يا عبد الواحد بلغه لحد ما أجيله بنفسي إن إل حصل مع بنتي النهاردة أنا مش هأسكت عليه وهأصعد الموضوع
عبد الواحد: هي دي كانت بنت حضرتك؟ ومين إل كان معاها ده؟ قريبكم؟
آه يا عبد الواحد ... يا لئيم
ستار تاني
ورئيس التحرير رهن الاعتقال لدى مباحث أمن الدولة
دون جريرة سوى إنه من الإخوان المسلمين
ونقابة المهن العلمية تعلن احتجاجها الشديد على
هذا الإجراء التعسفي وغير المبرر، والذي يخالف
كل الأعراف والقيم، بل ويخالف الدستور والقانون،
في حق عالم كبير من علماء مصر ومواطن محترم
له حق المواطنة
كما تعلن النقابة إنها سوف تدافع عن حق الدكتور البيومي
وحقوق المصريين عموما، وسوف يظل صوتها عاليا
مناديا بحق الجميع في الحرية والحياة الكريمة.
ونهدي هذا العمل النصف فني وهو من باكورة أعمالنا المسرحية لمجلس النقابة التي ألهمته وبيانهم كالتالي:
أ.د. على على حبيش نقيبا
أ.د. رشاد البيومي وكيل أول النقابة
أ.د. أحمد ابراهيم نجيب وكيل ثاني
أ.د. أحمد حسنين حشاد وكيل النقابة
أ.د. محمود محمدين حماد أمين الصندوق
الشعب:
الكيمياء: أ.د. هوانم سلام بخيت رئيسا
الجيولوجيا: أ.د. محمد السيد حبيب رئيسا
الطبيعية: أ.د.محمد عزيز الزمر رئيسا
علوم الحياة: أ.د. أحمد ابراهيم نجيب رئيسا
الإدارة العلمية: أ.د. محمد محمد النجار رئيسا
اللجان:
الخدمات: أ.د. عبدالفتاح عبد العال
العمل الوطني: أ.د. السيد عبد الستار
الإعانات والمعاشات: أ.د.رشاد البيومي
القيد: أ.د. أحمد ابراهيم نجيب
الإسكان: أ.د. محمد مصطفى عبد الباقي
لجنة العلميات:
أ.د. أحمد ابراهيم نجيب رئيسا
أ.د. أحمد لطفي على أمينا
أ.د. هوانم سلام بخيت عضوا
أ.د. سميرة أحمد سالم عضوا
أ.د. سميحة محمود غريب عضوا
وأنا شبه متيقنة إن المعلم الكبير سيتضح إنه إسم مسبوق بألف دال نقطة وفي الأغلب سيكون أحد أعضاء المجلس، أصل كان له هيبة والصبيان اتلموا بسرعة لما هو جه.
مبروك فرح النووي يا معلمين وعقبال البكاري
16 Comments:
اهو كده انا فهمت
بصراحة انتم غلطانين
يعني داخلين فرح و لا نقطة و لا زغروطة
و لا حتي ألف مبروك يا معلمين يابتوع العلم
لازم طبعا يشكوا فيكم و يسألوكم تبع مين ؟
يعني تبع العريس و لا تبع العروسة ؟
ده سؤال تقليدي في الافراح يا متعلمين ياللي رايحيت تناقشوا النووي
عداهم العيب بصراحة
ما هو انتم اللي رايحين تشتغلوا نفسكم نووي ايه انتم صدقتوا !!
أكدت صحيفة تايمز البريطانية أن الخطوات النووية التي يشهدها الشرق الأوسط من شأنها أن تضع المنطقة علي حافة الحقبة الأكثر إثارة للخوف، متوقعة الانتهاء من بناء أول مفاعل نووي في منطقة الضبعة المصرية بحلول 2015.
-----------------------------
http://www.masrawy.com/News/2006/Egypt/Politics/november/5/10.aspx
-----------------------------
-----------------------------
طولة العمر تبلغ الامل ... بس يا تري امل هتكون عايشه لحد 2015 و مغرقتش في عباره و لا اتحرقت في قطر و لا دخلت مسرح و لا شربت كوبايه مياه من الحنفيه في المنصوره ... يا تري امل هتكون لسه اسمها امل لو كانت نزلت وسط البلد فالعيد ...
----------------------------
يدينا طولة العمر و طولة العمر تبلغ الامل كلها عشر سنين مؤتمرات و ندوات و اجتماعات و فالاخر يطلع واحد يقول المولد انفض ابوكم السقا مات
--------------------------
انتوك
يعنى انتى ما تكتبيش الا لو الموضوع نووي ؟!!
طيب إحمدى ربنا إنهم ما فأعكوش زرتين ! لحسن الزرات دى جامده أوي!!
ثم تروحى فرح نووى زى ده و ما توصفيلناش "العالمه" ؟
بمعنى أصح نقابه العلميين دي كانوا بيتكلموا فى النووي بناءاّ علي خبرات سابقه (منين يا حسره ؟؟ من الميكروويف الّي في انشاص؟؟) ولا نظري كده بناءا علي تعليمات المعلم الكبير ؟!! ( و دى طبعا غير التعليمات اللي علي دراع حضرتك!!؟؟)
و دي كانت محاوله زياره ندوه شوف بقي لو حاولت تزور المفاعل نفسه !! (سلّملي عالبرادعي) ما علينا !!
المهم :
(1) حرية حضور ندوه مفتوحة تنتهي باعتداء ! أمال لو حاولت تبدي رأي أو تعليق يحصل إيه ؟
(2)الاعتداء الجسدي حق مكفول لأي صاحب سلطه !! (يعنى الداخلية طلعوا طيبين !! محدش يشتكي تانى !!!)
(3) الحزب يقول نووي يبقى كل الناس تؤيد النووي و تعقد الندوات (يعني الكفاءات النووية بتاعت النقابة دى ماتكلمتش قبل كده ليه؟؟؟ و دي اسمها سياسة اللي يتجوز أمي .. و اربط المفاعل مطرح ما يحب صاحبه) ؛... علله الحزب يقرر يغزوا الفضاء ... تبقى فرصه للعاطلين للتعبير عن رأيهم .. علي أساس أنهم الأكثر خبره بأمور الفراغ!!
(4) أهم حاجه في كينونة الإنسان المصري أنه يكون ابن حد مهم (أو مؤذي) .. !!
و دقى يا مزيكا ... و سلام مربع للمعلم الكبير (الكبير أوي)
علي فكره : اسمها : الكنكه فى الرماله !!!! أمال صاحبه قهوة إزاي ؟؟؟؟
ليه لأ: أنا قعدت أتقصى هي في الرمانة ولا في الرمالة ما أخدتش عقاد نافع .. شكرا وتم التصحيح
أنا برضة كنت عايزة أسأل في آخر الندوة - في وقت الأسئلة الديمقراطية إل ما لحقناش: ليه علماء النووي افتكروا دلوقتي وكلهم فوق الخمسين.
عمرو عزت: النقطة بتبقى في آخر الفرح وإحنا بتوع الواجب
وبعدين ما إحنا قلنا تبع العروسة مصر المحروسة
أنا لسة هأحكي - وربما هأكتب تفاصيل أكتر لما يجري حاليا من مناوشات، الكوميديا أغمق مما كنت أتصور
ثم إن إنت محروم من الميراث عشان إنت إل بعت الدعوة :)
أنتوك: يا سيدي قلنا نسمع من "علماء مصر" هو إيه النظام
وبعدين رايحين نشتغل نفسنا قوم ننضرب؟
طب يكتبوا على الباب الحضور على مسئوليتك الشخصية
في الرماله صح لانه في القهاوي البلدي بتتعمل القهوه علي رمله فوق صاج تحته عين البوتاجاز علشان القهوه تبقي مستويه علي نار متوزعه صح و هاديه تقوم تطلع طعمها حلو و هو ده الفرق ما بين قهوه البيت و قهوه القهوه
الرماله هي الصح :)
---------------------------
اما عن علماء مصر فهم مالهمش اي دور لاننا هنجيبه سنه 2015 من روسيا ان شاء الله و طوله العمر تبلغ الامل :) لانه 2015 لما نعمل اول مفاعل نووي يبقي ممكن نستفيد فعليا من الطاقه النوويه عام 2099 و يبقي الكنكه عالرماله و قهوه ساده سكيبتو علي ميه ساقعه و واحد شاي علي ميه بيضا و اتنين علي بوسطه و شعر حجرين قص للرجاله اللي مشرفه هنا\
انتوك
أنتوك وليه لأ: هو أنا قاعدة على قهوة مش صاحبة قهوة :) فبنعتذر عن هذا الخطأ التقني
طبعا الرماله هى الصح ؛ و إن كانت للرماله للقهوه ... أهو يمكن يجلها يوم و تبكى للمفاعلات علشان اليورانيوم يستوي علي نار هاديه !!
و أنا اتمني –لو حصل يعنى- انه يكون مفاعل روسي.. علي الاقل بيقولوا إنهم صلحوا مشاكل التصميم بتاعت تشرنوبل !!
إنما لو الغزل الصيني إستمر ...... و الكنكه طلعت صيني علشان أرخص .... ألله أعلم إذا كان الصينيين نقلوا التصليح الروسي و لاّ نقلوا التصميم الأصلى بس !!!
مش عارف بس مش قادر امسك نفسي من الضحك
:)
عارفة هي لو كانت حاجة تستاهل كنت قدرت كل المجهود اللي بذلتموه علشان تحضروا..وكنت كمان قدرت دواعي الأمن؛
يعني حفلة لساموا زين..ندوة للسيد زغلول النجار
علي العمم ده يعلمكوا أنكم لم تروحوا فرح لازم تبقوا مكيفين قبلها ميت فل وعشرة
ما بالك بقه يا بنتي ودول دماغهم نووي
:) هيهى
بصراحة اول اما صاحب الاشجار حكالى القصة ماقدرتش امسك نفسى من الضحك...حبكت الفزلكة يعنى و مرواح الندوات, ماقولنا نقعد فى بيوتنا نتفرج على مزة المزز jhonny depp
حاجة تنفع برضه
نيابة عن كل المعلمين -اقصد العلميين= فى البلد نعتذر بشدة
عشية الاعلان الرسمي المصري عن نية مصر في اتخاذ خطوات أكثر إيجابية باتجاه الطاقة النووية كبديل للطاقة البترولية في مصر، فاجأني صديقى المكرفت عادة (مكرفت تعني انه يلبس الكرافتة سواء حول رقبته أو داخل دماغه) بسؤاله:ـ
ما هو ياترى الخيار الأفضل بالنسبة لمصر، الدخول إلى النادي النووي أم الدخول إلى نادي الفضاء
وكعادتي أن أرد المباغتة بما هو أثقل منها عيارًا وبأسلوب متهكم يغفره لي صديقي دائمًا حتى أحس انه يحب جلد الذات، قلت له انه من الأفضل أن تنضم مصر إلى نادي السكة الحديد.لم يفهمأغلب الجالسين ما عنيته في وقتها وظنوا جميعًا أني أمارس هواتي في إذلاله بالاستخفاف بأغلب ما يقوله. لكني كنت جاد في ما أقول وكنت بالفعل أن تنضم مصر لنادي السكة الحديد بدلاً من انضمامها إلى النادي النووي أو نادي الفضاء على حد تعبير “خفيف الدم” صاحب الكرافتة أو ربطة العنق لغير المصريين. فعندما تتوقف قطاراتنا عن مظاهرات الاصطدام واعتصامات الخروج عن القضبان يمكننا وقتها أن نفكر في دخول نوادي ولاد الذوات
يؤلمني دائمًا أن يؤخذ على محمل الجد أي طرح تطرحه حكومتنا السعيدة من جانب الشباب ذو المستقبل المشرق. وصاحبي المكرفت ذلك لا يختلف كثيرًا في آماله وطموحاته للمصريين عن صاحب الأشجار أو سقراطة عندما صدقوا أن الدعوة إلى الفرح النووي عامة يمكن للقهوجي أسفل محل سكنك أن يذهب إليها. ولم يفهموا أنه عندما يطلب منك أي موظف بطاقتك الشخصية فهو في حقيقة الأمر يريد أن يرحب بك الترحيب الملائم لك ويعمل الواجب
ههههههههههههه
طب ده كله ليه هيستفيدو ايه من اساميكم ولا ارقام التليفونات
الواضح ان الندوة محددة بسن فوق الخمسين
ااه يا بلد
متى شاهـدت دربكة ـبالضبطـ كهذه من قبل؟
حلمـت ليلة أمس بأن الدكـتور طه حـسـين جاء من أبعـد نقطةٍ في الوجود, خصيصاً لينـزل بي أشد العقـاب. كان يتميز غضباً. الطريقة العشوائية التي راح خياله يتكون بها على الحائط, هناك في الركن خلف شماعة البلاطي, هي التي أوحت لي بذلك. إذ كيف يمكن أن أفسر أن النظرة النـارية التي حدجني بها سبقت العينين في الظهور؟ كيف لي أن أفسر شيئاً كهذا؟ الذراع الذي أزاح الملابس المعلقة جانباً, بدا داخل كـم القفطـان الأزهري, قبل أن ينبثق العميد ـكالشعاع في اللحظة التالية مباشرةـ بكامل أناقته المعتادة وسط الغرفة, مرتكزاً بكوعه على طرف المكتب.
أول الأمر, ظلت شفتاه تتحركان بلا صوت, كما لو أن الدنيا صارت فيلماً من أيام السينما الصامتة. ولم أدرك: هل يخاطبني؟ أم أن الشفتين هما اللتان ترتعشان لاإرادياً؟ إلى الآن لا أعرف. تمتمـت مرحـباً: الدكتور طه حـسين معنا من جـديد! خطوة عزيزة! يا ألف أهلاً بالعميد! فـرد دون أن تفقد نبـرته الحانية ما بها من استياء: كـبرت يا ولد!
النظارة السوداء طـوحها بطول يده, فارتطمت بأنف الرئيس على شاشة التليفزيون, بينما انبطح المحيطون بسـيادته أرضاً في جــزء من الثانية. كلهم دفعةً واحدة, كأنهم يقومون بحركةٍ دفاعية, طالما تدربوا عليها في السر. وعلى الرغم من أن سيقان المذيعتين أو الثـلاث, كانت كأرجل الكنبة الأسـيوطي, فلقد أطالوا البقاء هناك في الأسفل خارج الكـادر. اعتصـرت ذاكرتي: متى شاهـدت دربكة ـبالضبطـ كهذه من قبل؟ كنت على ثقةٍ من أن جرائد الحكـومة سوف تنشر غداً على صدر صفحاتها الأولى : مؤامرة لقلب نظام الحكم يتزعمها المدعو طه حسين! مباحث أمن الدولة ضبطت في حوزة الإرهابي الخطير أوراقاً تحض على كراهية النظام القائم من عـينة: المعذبون في الأرض أو شجـرة البؤس أو الفتنة الكبرى. أسرعـت بالقول محاولاً إنقـاذه من المصير المحتوم: السماح يا أهل السماح! العتب على النظر!
المنظر الطـريف لم يمـنع الدكـتور طه حـسين من أن يواصل حديثه متسائلاً: من يكون هذا الذي ينظر إلي شظراً؟ هل تعرفه؟ لذت بالصمت خـشية أن يزداد الموقف تعقيداً. إلى أن تلفت هو حواليه متفحصاً الوجوه. لجـنة السـياسات في اجتماع موسع مع الـوزراء والمحافظين ورمـوز الفكر والفن والبحث العلمي وقـيادات الشرطة والمجالس النيابية والشعبية ورجـال الأعمال. علق بقليل من الرضا: أرى أن هناك إقبالاً على فصول محو أمية الكبار. شيء مبشر! إلا أنه ما لبث أن أضاف, كأنما هو يتذكر فجأة: لكن, تعالى هنا! ألا تستحون من الاستمرار في تشبيه العلم بالماء الذي أصبح ـعلى أيامكمـ مصدر جميع الأوبئة أو الهواء الملوث الذي تتنفسونه ليل نهار؟ ألا تستحون؟ همسـت باستحياء لم يحالفني التوفيق في مـداراته: الذي أخبرك ـيا عميد الأدب العربيـ بما آلت إليه حالة الماء والهواء, نسي أن يبلغك بما جرى للعلم...!
هلوسة آخر الليل
الدستور / الأربعاء 29 نوفمبر 2006
إرسال تعليق
<< Home