الخميس، مايو ١٣، ٢٠١٠

في قلب التفاحة الكبيرة

تعلمك الوحدة المفاجئة اختيارياً أشياءً وتجبرك على تنمية مهارات تكاسلت عن تنميتها لثقتي الدائمة بوجود من يعتني بي. أتذكر تعليماتي لنفسي في غرفتي التي اخترتها في "نيويورك" واسترحت لها: لو فوتت إطعام نفسك يوماً كاملاً فليس هناك من سيأتيك بالطعام حين تصابين بالإغماء في اليوم التالي، لو لم ترتبي الغرفة ستعجزين عن اللحاق بميعاد العمل ويرتفع مستوى توترك، لا تفرطي في تناول المهدئات مهما بلغ التوتر حتى تستطيعين الاستيقاظ مستبشرة صباحاً لتلحقي بالخبرة التي عبرت الأطلنطي لتحقيقها، عدي النقود بدقة واعرفي كم بقى للطعام والدواء حتى نهاية الأسبوع وميعاد الراتب، الإيجار أهم شيء، تجنبي أماكن انفاق النقود التي لا تستطيعين مقاومتها، ممنوع الذهاب إلى "متجر كتب بارنز ونوبل" ومعك نقود لأن الخبرة الأخيرة في انفاق آخر مئة وخمسين دولاراً احتياطية في حوزتك لعجزك عن مقاومة فخاخهم المذهلة من الأرفف والممرات الواسعة التي يجلس فيها الناس على الأبسطة السميكة ويقرءون ويقرءون حتى يعجزون عن ترك الكتاب والرحيل دونه، لا تذهبي إلى "بيد باث آند بييوند" حيث الأفكار البسيطة المغرية، وفي كل الأحوال تأكدي من كافة الأسعار. لو لم تخصصي ساعتين للغسيل الأسبوعي فستنتهي بارتداء ملابس متسخة لأسبوع آخر أو غسلها يدوياً ومحاولة تجفيفها بأي طريقة ممكنة.

تضعك الوحدة وجهاً لوجه أمام نفسك، من سيسحق الآخر. كأنها آخر فرصة في الحياة أفضل الموت عن الهزيمة، حرفياً. أضع خططاً وخدعاً صغيرة للانتصار على الغصص المفاجئة والشعور المفاجىء بما يزحف تحت الجلد. أغري نفسي بالنضج، أفكر فيما تركت ومن تركت لأجد شيئاً ضائعاً مني أشعر أن الحياة لا يمكن أن تستمر أكثر من ذلك دونه.

أكتشف إن من ضمن مجموعة أغنيات أعطتني إياها "ماعت" قبل وقت طويل وكنت قد نسيتها أغنيات لعبد الوهاب وسيد مكاوي، أفاجأ بها على مشغل الموسيقى في المترو فأغمض عيناي وأتمايل غير شاعرة بأي شيء حولي في القطار وهذه من مميزات الوجود في نيويورك، لا أحد يهمه ما تفعل ولا أين تفعله، طالما لم تتخط دورك في صف ما.

أختبر قدراتي الحقيقية على كسب عيشي في عالم واقعي، أسمح لنفسي ببعض المشروبات الروحية وأنا وحيدة لأحسن مزاجي الذي يشهد تحسناً عاماً تواجهه بعض الانتكاسات. أفكر في الأجباء والأصدقاء، شقيقي البعيد في بلد آخر، العلاقات المسممة والعلاقات الملهمة، روعة الغرباء ومفاجآتهم، الاندهاش الكائن وراء الأبواب ولذة المعرفة البسيطة التي تبدو تافهة. المستشفى الذي تركته في مصر، الفارق الذي يحدثه تناول الإفطار على تحسن المزاج، واكتشاف مجموعة قصص قصيرة لبهاء طاهر في قاع حقيبة السفر على إنارة يوم معتم وقطعة شوكولاتة على تجدد الأمل وسلطانية من الحساء في يوم بارد على قرار العيش يوماً آخر.

5 Comments:

Blogger محمود عزت said...

أنا دلوقتي عارف كويس جدا بتتكلمي عن إيه :))
في الجيش, اتعلمت اللي عمري ما كنت أتخيل أعمله

الخميس, مايو ١٣, ٢٠١٠ ١١:٢٣:٠٠ ص  
Blogger bluestone said...

عشت التجربة ذاتها .. الغربة والوحدة تضعانك في مواجهة مع نفسك .. فتكتشفها بعد ان تكون على شفا الاختفاء

نحتاج دائما إلى قليل من الغربة والوحدة لنكتشف ذواتنا الحقيقية

اشعر بمواجهة نفسي على حقيقتها واكتشافها فعليا كلما اعبر الحدود باتجاه مجهول

الاثنين, مايو ١٧, ٢٠١٠ ٤:١٩:٠٠ ص  
Anonymous غير معرف said...

سقراطة ليس فقط خطة يوم قد تكون خطة عمرك... احلامك... تشاهدينها تذوي منك وانت ملقاة في سريرك لا حول لك ولا قوة.... وتتخططين حياتك علي هذا الاساس انك انسان غير طبيعي لديه عدد معين من الايام الضائعة المؤلمة تخرجين بعدها لتحاولي ان تلملمي افكارك واين تركت اخر مهمة عمل ... تخرجين فاقدة بضعة كيلو جرامات لانك لمدة يومين ترجعين نفسك ويومين لاشيئ يلبث في معدتك غير تفل البرتقال... يصل الأمر ان نريدين الموت وتريحين من حولك وترحمي عذاب امك .... سقراطة اسمع كثيرا: لما يكون عندنا صداع بنفكر فيكي.

الخميس, مايو ٢٠, ٢٠١٠ ٧:٣٨:٠٠ ص  
Blogger وتلومني فيك said...

كتب
اخبار الجرايد
تداول
ملخصات
روايات
اكسسورات
كوشات
قصات شعر
اطفال
فساتين اطفال
طبخ
السياحه
صور لاعبين
سيارات
ملابس شباب
افلام انمي
صور انمي
صور
مسلسلات
فنانين
برامج ماسنجر
تواقيع جاهزه
خامات
ملفات مفتوحه
برامج جوال
نغمات
رسائل
برامج الكمبيوتر
خلفيات كمبيوتر
العاب
العاب بلاستيشن
منتدى

الجمعة, يونيو ١٨, ٢٠١٠ ٢:٠٧:٠٠ ص  
Anonymous غير معرف said...

فعلا
في الوحدة لازم نفتكر مننساش نفسنا
و ده صعب

الجمعة, يونيو ١٨, ٢٠١٠ ٣:٢٢:٠٠ ص  

إرسال تعليق

<< Home

<
eXTReMe Tracker
Office Depot Coupon Codes
Office Depot Coupon Codes