الجمعة، يوليو ١٥، ٢٠٠٥

خلق الله المرأة (4) تعليق

في حوار قصير دار على تعليقات مقالات خلق الله المرأة نوقشت فكرة مفادها أن النساء ليس باستطاعتهن شيء إزاء "برمجة" المجتمع لهن على سلوك معين، وأنه من غير العادل أن يطلب من المرأة أن تثور بينما هي مهددة من كل الاتجاهات بالقتل أو التعذيب في أقصى ردود الفعل وبالنفي الاجتماعي في أدناها
ولا يمكن طبعاً أن ينكر دور المجتمع في تطويع أفراده للأدوار التي يريدهم فيها، فهو يطوع العامل أمام رئيسه ويطوع المواطنين أمام أصحاب السلطة ويطوع المرأة كذلك مقابل الرجل، ولكن هذا جزء من الحقيقة وليس الحقيقة كلها، لأنه بالرغم من هذا التأثير، لا يمكن اختصار الانسان إلى مجرد رد فعل على عالم خارجي، فالانسان أكثر تعقيداً من هذا التجريد المخل، ولأن الانسان أكثر تعقيداً، فبالرغم من وجود كل هذه السدود المادية والاجتماعية والقانونية أمام المرأة فهناك الكثيرات والكثيرات من النساء، ونسبة ليست هينة منهن أتت من مجتمعات قاسية جداً، اللائي أبين أن يعشن على الهامش، سواء في المجتمع أو في الأسرة. إن ما يفعله المجتمع هو وضع سدود وعراقيل أمام ميل الانسان الطبيعي كانسان للحرية، ولكن لأن هذا الميل أصيل جداً في الانسان فأقصى ما تستطيع المجتمعات أن تفعله هو أن تجعل الطريق أصعب ولكن من المستحيل أن تغلقه. وهنا يظهر بقوة أحد العوامل الأخرى في اللعبة: قبول الانسان ذاتياً للقيود المفروضة عليه، بمعنى أن أتحول أنا إلى معول الهدم في كياني دون احتياج لعامل خارجي. هناك فرق كبير بين أن أقبل وضع ما لأنه ليست لدي القدرة بعد على تغييره وبين أن أقبله لأنه ما يجب أن يكون، ومن تفعل ذلك، من تقبل الوضع على إنه الوضع الطبيعي فتلك قصة أخرى، ولا أستطيع أن أعفي الانسان من أنه يختار بإرادته الحرة، فالفتاة التي تعجز وهي طفلة عن مقاومة تعرضها للتشويه الجنسي (الختان) شيء، وتعريض الأم ابنتها للتشويه الجنسي شيء آخر ولا أستطيع أن أساوى بين الاثنين بمعنى أن الطفلة مضطرة والأم مضطرة، ولا أستطيع كذلك أن أساوي بين الأم التي تفعل بابنتها هذا الفعل الشنيع عن قناعة وبين من تفعله تحت تهديد الأب أو غيره. إن الانسان له في النهاية السيطرة الكاملة على وعيه: يختار أن يؤمن ويختار أن ينكر، وكل التعذيب في الدنيا لا يستطيع أن يغير قناعات الانسان، قد يقول بلسانه ما يقول ولكن ما في عقله ليس لأحد غيره سيطرة عليه. وأنا إن تعاطفت مع من تقبل بالأوضاع المقلوبة عن احساس بالعجز عن تغييرها (والذي قد يكون حقيقياً في كثير من الأحيان)، فلا أستطيع أن أتعاطف مع من تؤمن بأنها عورة وبأنها درجة ثانية وبأن الرجل قوام عليها لأنه خلق بقضيب بينما خلقت هي بمهبل! عفواً، هذا هو نفس ما يجعلني أقبل عذر من تخشى تأخير الغداء لأنها ستضرب حتى تنزف دماً دون قانون ولا مجتع يحميها، بينما أشمئز من آراء صافيناز كاظم وزميلاتها، هناك فارق كبير: فهؤلاء سيفلتون بمجرد أن يتيج لهم أحد فرصة الخروج لأن أسوارهم ما زالت خارجية، أما أولئك فلو فتحت لهم كل أبواب الخروج فهم هانئون – رجالاً ونساءاً – بزنازينهم وقضبانهم، والأمر من ذلك هو أنهم يدعون الآخرين إلى زنازينهم ولا يألون جهداً في وضع العراقيل أمام أبواب الحرية.
لا أستطيع أن أعفي الانسان من الاختيار، ولا أستطيع أن أعفي الفتيات المائعات في تمسكهن بحقوقهن سعياً لزوج بل وسعي لما هو أقل أهمية، والميوعة ليس تقصع المشي والضحك الرنان كما يحلو لمجتمعنا المريض بالهوس الجنسي أن يسميهم، الميوعة هي أن أتهاون في مواقفي حتى أصير كالماء الفاتر، لا يعرف لي رأي، فأنا عورة تتغطي لو قال "الأفندي بتاعي ذلك"، وعملي هو بيتي وأسرتي لو طلب ذلك وله مني السمع والطاعة، بينما أنا مثال الأناقة والشعر الحرير لو كان سيادته ممن يفضلون سحب معزة ملفتة للنظر في ذراعه بدل من معزة رأسها مغطي، وأنا امرأة عاملة طالما "سمح هو بذلك"، وأنا حريصة في ما أقول من آراء – خاصة في فترة الخطوبة – لئلا أخرج عن دائرة الدرة المصونة والجوهرة المكنونة ويتضح أنني خرجت إلى خارج العلبة ولو لبعض الوقت – هذه هي الميوعة: فلتتقصع الفتيات ما تردن طالما الرأي ثابت وغير مهتز – وإن كنت أشك في إمكانية الجمع بين الاثنين.
وإذا كنت أعذر الفتيات اللائي يتعرضن لضغوط شديدة – مثل الضرب والاهانة والتجويع والتقييد والطرد وغيرها- وبالرغم من أن بعض من تتعرضن لهذه الضغوط تصررن وتنجحن في الفرار – فما هو العذر الذي أعطيه لمن لا تتعرضن لمثل هذه الضغوط وتقبلن الذلة هكذا طواعية؟ أي عذر لفتيات الجامعة الجاهلات؟ أي عذر لمن تقبل أن يملي عليها فتى في أواخر المراهقة يصرف عليه والديه أوامراً بخصوص تصرفاتها ما يجب أن تفعل أو لا تفعل لمجرد إن سيادته تكرم وبلغة الجامعة : صاحبها؟ أي عذر؟ أي عذر أعطيه لفتيات لا يدخلن أقسام الميكانيكاً في كلية الهندسة: لأنه قسم غير مناسب للفتيات، بل لعل كلية الهندسة كلها غير مناسبة للفتيات، أي عذر للفتيات السائرات على هامش الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية ينتظرن كلمة من عيل معظمهن أكثر منه نضجاً بكثير لتكون مهمتهن إرضاء غروره الأهبل ونزواته الحمقاء وذاته التافهة؟ ما هو عذر خريجات كلية الحقوق – المحاميات – في عدم المطالبة بحقهن الكامل أسوة بالذكور من زملاءهم في التعيين بوكالة النيابة؟ أليست منتهى التفاهة أن ضحكوا عليهم بنبات شيطاني زرعوه في المحكمة الدستورية العليا؟ (النبات الشيطاني مقصود به عملية زرع المستشارة تهاني الجبالي وليس شخصها نفسه) ليس له جذور تمتد عليها بقية الفتيات ولا أمل في ارتقاء؟ ما عذرهن؟ ما عذر طالبات الامتياز في كليات الطب في تخليهن عن نبطشيات الليل كما يحدث على الأقل في بعض المستشفيات التعليمية وأتمنى ألا يكون فيها كلها.
للأسف ليست هناك حقوق تمنح، والحرية بالذات لا تمنح إنما تغتصب اغتصاباً، ولو منحت لتخلى عنها أصحابها بسرعة لأن ثمنها لم يدفع كاملاً حتى الفلس الأخير، وهذه هي تجربة التاريخ كله: تحرير العبيد، تحرير الدول، التخلص من السلطة الدينية وغيرها، كلها تمت فوق بحور من الدماء وتضحيات أخرى كثيرة، من أهم ما أحرزه تقدم البشرية هو تقديم وسائل للتغيير لا تستدعي سيلان دم الساعين إليه ولكن ليس معنى هذا أنه ليس عليهم تقديم أي نوع من التضحيات، لو انتظرنا المجتمع كي يتطوع بتحرير المرأة سيطول انتظارنا، وليس معنى هذا أن الدعوة ليس من الممكن أن تأتي من رجل، فالفكر والثقافة والتحضر لا جنس لها ولا وطن ولا دين، ولكن لا يعني هذا أنه يمكن لأن شخص أن يخوض الحرب عوضاً عن النساء: قاسم أمين بدأ الدعوة وقام بدوره كاملاً كمفكر (مع مفكرين كثر في هذا العصر الرائع لم تشتهر آرائهم في موضوع تحرير المرأة مثله) ولكن من دخل الحرب هن النساء: من خلعن اليشمك في المظاهرات كن النساء، ومن ضحين بالزواج للعمل بالتعليم كن النساء، ومن تعرضن لكن أنواع القهر النفسي كن النساء خاصة المثقفات منهن.
هذا لا يعني أن المعركة لا يخوضها رجال جنباً إلى جنب مع النساء، فالمساواة مطلب انساني ومعركة المرأة من أجل الحصول على انسانيتها كاملة يشاركها فيها الكثير من الرجال ولكن لا يمكن أن تصل إلى أي شيء لو تنحت المرأة عن المعركة، وعموماً الحق الذي يأتي بسهولة يضيع أيضاً بسهولة. فتجربة الستينات التي حصلت فيها المرأة على الكثير من الحقوق بأوامر عليا أكثر منها بالكفاح شهدت تنكر النساء لهذه الحقوق عند أول هزيمة، ومن كن يعملن ويسرن ويلبسن بحرية عدن من الخليج سائرات وراء أزواجهن بخطوات، وقد ارتدين غطاء الرأس وتفرغن للمحشي والبامية على مكاتب العمل، وخرجت علينا المنادون بطاعة الزوج والضرب الشرعي (جاته ضربه في قلبه)، وشرعية تعدد الزوجات وكأنها مطلب جماهيري، والزوجة التي تضربها الملائكة بالجزم لأن زوجها نام وهو غير راض عنها، والزوجة التي ستذهب لجهنم حدفاً لأنها رفضت فراش زوجها، وغيرها وغيرها من المبكيات التي ترددها النساء أنفسهن، لقد أعطيت المرأة حقوقاً لم تكافح من أجلها بل وحتى لم تطلبها فخلعتها عند أول منحنى لأنها لم تعرف قيمتها.
وبقيت كلمة في النهاية وهي أن هذا لا يعني تحميل المجتمع أيضاً مسؤوليته الكاملة عن إهدار حقوق النساء فيه، وليس هذا كله عذر كي يحدث انتهاك جمعي لهذه الحقوق نقول بعده للنساء أنتن السبب لأنكن لم تخترن الحرية، إنما هي محاولة ليتحمل كل من مكونات الوعي الانساني دوره الكامل، مع التشديد على دور الفرد مع نفسه لأنه الدور الوحيد الذي يملك الانسان سيطرة كاملة عليه. جمعتني الصدف السعيدة بمجموعة من الفتيات في أوائل سني المراهقة وكنت دائماً أقول لهن: لقد أوشك دور أهليكم في تربيتكم على الانتهاء، وأنتم الآن في مرحلة تربية أنفسكم حتى لو كان ذلك بالاضافة لما تبقى من دور الأهل: فعلى أي قيم ستربون أنفسكم؟

10 Comments:

Blogger moe said...

معلش,مقالااتك رائعة,بس ممكن تكبري الخط؟؟

الجمعة, يوليو ١٥, ٢٠٠٥ ٣:٣٣:٠٠ ص  
Blogger moe said...

معلش,مقالااتك رائعة,بس ممكن تكبري الخط؟؟

الجمعة, يوليو ١٥, ٢٠٠٥ ٣:٣٣:٠٠ ص  
Blogger From East to West said...

I commented before on what extent to blame women [I never said that they can never do anything for how they are programmed]. I mainly tried to answer the question, if we should blame women for how the society is treating them or not because they are begging for it. I answered this part and tried to analyzed how they went that far to give up there rights so willingly like that. First of all let me tell you that I talked about the majority of women, and this majority wouldn't be the ones you are talking about. You are mainly talking about the ones who got a chance for education, freedom of choice, even if it is a very little one, for at least a basic chance to understand where do you stand and how to progress. I didn't talk about you or me who realized there strength and got the chance [even if it is very little]to shape there future, yes we did fight but talking for myself I can't deny that I did get a small chance to say no to things and got a chance to fight for my rights. I believe that anybody needs a basic chance to start developing in any direction not only rights, and if this wasn't true we don't need education or civilization then.
I got the feeling that you blame the well-educated girls for giving up their rights and I don't talk about these. I talked about the ones who never got a chance to mentally develop which are the majority of Egyptian girls [women who can't write their own names are 40%] As a student who went to the public university in Egypt I can say that the university never develops your thinking in the way it should, not for boys or girls. Talking about the university students there are many different types, the school girl who gets beaten up by the father when she is late or when her family finds up that she loves someone from college and they stop her from going to college or leaving the house or talking on the phone [these examples I saw more than once in Cairo, not in the upper Egypt or so] and there are the ones that you are talking about and these are non of my business to judge…You have your own way, I have mine and each should be free to live and believe whatever they like and to be treated the way they enjoy. If they enjoy being abused fine, it is their right to choose as far as they are not forcing their way on anybody else. You agreed with me on that when you said فهؤلاء سيفلتون بمجرد أن يتيج لهم أحد فرصة الخروج لأن أسوارهم ما زالت خارجية، أما أولئك فلو
فتحت لهم كل أبواب الخروج فهم هانئون – رجالاً ونساءاً – بزنازينهم وقضبانهم،
So you agreed that the first group needs a chance and the other is happy where they are!!
When I talked about the circumcision part I commented "it gives the girl her first welcome to the world of abuse" The fear it inflects on the girl breaks a big part of this fighting attitude that you are asking for. I think that we are more of a passive nation [males and females] because of the fear we teach the kid in a very early age, fear from authority which should be there for safety [the father, the teacher even the police man] fear from god, from experience, fear from questioning things, specially if is about our religious believe which has a very strong impact on our life. I always look at fear as a tool used to sag your will down and I agree this is not an excuse for passiveness or cowardliness.
More than anything I wanted to say that we have a bigger role to do, better than just sitting down judging who is begging for pain and who deserve it. Who deserve our sympathy and who is unworthy of it. Lets study the problem, where it came from and how to solve it and what each of us can do about it. As for me, I am sorry, I can't stop feeling sorry for the ones who choose the pain; being obliged for it makes me feel sorry for them and choosing it makes me even more sorry!!

الجمعة, يوليو ١٥, ٢٠٠٥ ٨:٢٠:٠٠ ص  
Blogger سؤراطة said...

انت تأمر يا فندم، معلهش أنا خيبة في التعامل مع الكمبيوتر، يعني مستخدم أقل من العادي، سأعمل على تغيير الخط من أول المقالة الجاية

الجمعة, يوليو ١٥, ٢٠٠٥ ١١:٣٠:٠٠ م  
Blogger سؤراطة said...

خلافي الأساسي في هذه النقطة هو أن الانسان "ليس مجرد رد فعل" ولا يجب اعتباره كذلك، ولكن في نفس الوقت هو كائن اجتماعي يتأثر بما حوله، والانسان في النهاية له حرية الاختيار، سواءاً كاملة أو منقوصة وهناك الكثير من الفتيات خرجن من ظروف سيئة جداً إلى الاستقلال، وإن كنت أأسف على من يختارون القيود رجالاً أو نساءاً فإن هذا أسف على بعض من أسرتي الانسانية ولكنه ليس بإعفاء لهم من المسؤولية. من فجروا أنفسهم في وسط الأبرياء يائسون ومحبطون ومكتئبون وأنا أقدر ذلك ولكن هذا لا يعفيهم من مسؤولية الاختيار، إن الانسان إذا تخلى عن حرية الاختيار ما يصبح انساناً
ولكن هذا لا يعني التخلي عن أصحاب الاختيارات الخاطئة: بمعنى، لو أتتني امرأة تسمح لزوجها بضربها مرة بعد مرة لأنها تعتقد أن هذا حقه فلن أمل من وضع الضمادات على جروحها مرة بعد أخرى، ولكن هذا لا يعني أيضاً أنني أعفيها من مسؤوليتها، ولا يقلل في الوقت نفسه من مساندتي لها وشعوري بالأسف عليها. بالطبع يجب أن يكون لنا دور في مساعدة مجتعاتنا ولكن هذا ليس معناه أننا نحن من سننقذه: الانسان ينقذ نفسه بنفسه، وليس من سبيل آخر لذلك، وفي كل مرة سيأتينا سائلاً سنجيبه ونعطيه، ولكن ليس معنى هذا أن باستطاعتنا انقاذه بدون ارادته واختياره الخاص مهما حاولنا
ولا نستطيع أن ننقذ أحداً في الواقع إلا قبل أن يفهم أو تفهم أنها قادرة على الاختيار، وإنها وإن اضطرت لعقد صفقات مؤقتة مع ظروف قاسية فهذا لا يعني أن تستسلم لها بالكامل، ولا أدري طريقاً لتحرير الانسان إلا هذا، أما التعامل معه على إنه ردود أفعال مجردة فلن يزيده إلا إيماناً بأن الاستسلام هو الأمر الطبيعي وأنه "مغلوب على أمره" على طول الخط. أنا دائماً ما أبحث في الفتيات عن نقاط الذكاء التي تظل تطرق على خلايا أدمغتهن قائلة: "ما يقولونه لكن خطأ، ما يقولونه لكن خطأ" ولكن فور أن تسكت الفتاة نفسها هذا الصوت، فقد قامت بخيار لا أقرها عليه.
ومعرفة أسباب تصرف الانسان بشكل أو بآخر هي أول الطريق لمساعدته، ولا تعني تفرغنا للحكم بمن يستحق الألم ومن لا يستحقه، إنما تعني أن نعرف من ما زالت تبحث عن الطريق ومن استغنت واسمتمرأت حياة ناقصات العقل والدين، وهناك فارق كبير بين الاثنتين، وهذه المعرفة هي التي تتيح لنا المساعدة في المكان الصحيح، كما أن تحليل توجهات أفراد المجتمع وأسبابها أساسية في فهم مناطق العلة للبحث عن علاجها.
وهذا أيضاً مع تأكيدي أنني لست مع اعفاء المجتمع أيضاً من مسؤوليته الكاملة سواء قبلت المرأة حكمه عليها أم لم تقبل، أنا فقط أحاول أن تكون الصورة متكاملة في أذهاننا: ليس المجتمع بريئاً ولكن النساء لسن أيضاً بريئات من دمهن.
هناك مقال جميل اسمه الذئب والحمل في كتاب الدكتور: زكي نجيب محمود: جنة العبيط يناقش هذه الفكرة، علنا نتناقش فيه لو قرأتيه
أنا سعيدة جداً بهذه المناقشة الفلسفية العميقة حول الدوافع الانسانية، ولكنني أطمئنك إننا لن نصل لنتيجة لأن هذا هو السؤال الأبدي: "الانسان مخير أم مصير؟" ورغم أن كل الفلاسفة السابقون - قال يعني إحنا اللاحقون لم يستطيعوا الاجابة عليه لكن مافيش مانع ندلي بدلونا برضة ..ولا إيه؟ :-)
أشكرك على اهتمامك بالمقالات، وعلى فكرة هناك مدونة شيقة اسمهاwww.appreciatediversity .blogspot.com قرأت عليها موضوعاً شيقاً بخصوص زواج الصالونات فلو كان لديك وقت مادمت مهتمة بالموضوع زوريه وأظنه سيعجبك
أشكرك مرة أخرى للتعليق على المقالات وفي انتظار المزيد من المناوشات الفلسفية :-)

الجمعة, يوليو ١٥, ٢٠٠٥ ١١:٥٩:٠٠ م  
Blogger سؤراطة said...

أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

الجمعة, يوليو ١٥, ٢٠٠٥ ١١:٥٩:٠٠ م  
Blogger ايمان said...

عزيزتي الكاتبة:
افكارك تمس الكثير من الاوتار الحساسة، و تمس تجارب انسانية عشتها عن قرب، مشهد الأم الطفلة في كثير من الاحيان المرتعبة امام هول الحدث و بطش النائب بها في كشك الولادة مشهد كان يصدمني عندما كنت طالبة و غدي يثير سخطي و تقززي بعد التخرج و عندما تدخلين في منظومة فاسدة تنتهك أدمية الفقراء الذين ينظرون بتقديس للطبيب بينما هو لا ينظر لهم علي انهم بني ادمين اصلا، ما علينا، الفقرة التالية هي جزء من كتاب أقوم بإنهائه ، و لقد صادفت صدي لما كتبته من عدة شهور في احد اجزائه بما كتبت انت في مدونتك العميقة، إنها الرؤية و وجهة النظر التي تجمع أصحاب الاقلام الرافضة للجهل و القهر و العهر الفكري الذي يكيل بمكاييل مختلفة علي حسب النوع أو حدود الغني و الفقر. ولكن هل نستطيع ايصال هذه الافكار للناس الغلابة ليعرفوا و يفهموا حتي يثوروا و يغيروا هذه الافكار البالية، إذا كان لدي أي منكم اقتراح فليرشدنا إليه :

القاهرة 1986
ذهبت مع أختي اليوم إلي عيادة الطبيب الكائنة في أخر شارعنا. في انتظار دورنا دخلت سيدة بدينة تشبه طائر أسطوري بجناحيها، أقصد بخمارها الفضفاض الأسود، يظهر خلفها شاب غض تطول لحيته في أجزاء متفرقة من وجهه و يسحب خلفه كائن ضئيل لا تكاد تتبين أبعاده من كثرة ما يلفه من أغطية من الرأس و حتى ما بعد القدمين، إنها فتاة علي ما يبدو.
يتهامسون مع الممرض الذي يدخلهم سريعا إلي حجرة الكشف و:
"لا تؤاخذوني يا جماعة أصل الحالة مستعجلة و صعبة"
بعد لحظات تخرج السيدة تجلس قبالتنا و هي تبكي فتبادر المنتظرات بسؤالها عن السبب:
"بنتي يا أختي و النبي عروسة من أسبوع واحد، لكن نعمل أيه، عين و أصابتها"
" ما لها؟"
"أبدا بعيد عنكم من يوم الفرح و هي قاطعة الزاد، لا تتكلم و لا تتحرك تقول سهم الله نزل عليها،
لا تنام و لا تذهب حتى يا عيني إلي، لا مؤاخذة يعني، بيت الأدب"
و تستطرد السيدة و التي ظهر لنا الآن أنها الأم و الشاب هو العريس الغير سعيد الحظ، و تحكي بإسهاب عن عفة و أخلاق بناتها و خصوصا تلك الصغرى التي أكملت دراستها في جامعة الأزهر بنات و كيف أنها ربتها أحسن تربية فهي لم تكلم في حياتها ولد أو شاب أو جنس رجل سوي الوالد، و أضجعت في جلستها و هي تتذكر العلقة الساخنة التي أعطتها لها و لأختها عندما تأخرتا عن موعد العودة ساعة كاملة رغم أنهما أقسمتا بأغلظ الأيمان أن مترو مدينة نصر وسيلة المواصلات الوحيدة المسموح لهما بركوبها كان معطلا لانقطاع الكهرباء
"لكن أبدا و حياتك، بالللل....حزام"
"بناتي؟ هو فيه مثلهن في هذا الزمن! شوفي يا أختي العباءة يلبسن منها اثنين فوق بعض، و للاحتياط سروال من تحتهما، يمكن يطير الهواء الذيل فيبقي السروال ساتر جسمهما"
انبرت واحدة تعلق:
"أنت كده خنقاهم"
"لا و الله... أفسحهما، ما أنا كل حين أخذهما إلي حديقة المطار"
(تقصد الجزيرة التي تتوسط طريق المطار)
"طبعا ليلا بعد صلاة العشاء و أخذ لهما معي بعض المأكولات يتعشوا و نرجع علي طول"
الحوار الدائر أمامنا من العبثية بما لا يسمح بمتابعة منطقه.
يدور برأسي ألف سؤال، ألا تدرك السيدة أن أبنتها في حالة صدمة قوية؟
أبعد كل هذا التعنيف و التخويف و وأد أنوثتها و التهديد بالويل و الثبور و عظائم الأمور إذا ما مر بمخيلتها فقط مجرد طيف رجل؟
فجأة يدفعونها دفعا إلي أحضان رجل غريب عنها لم تألفه و لم تتعود عليه و من أول ليلة لابد أن تتركه يمارس في لحمها كل ألوان كبته العاطفي، و يجب أن تذعن وإلا لعنها الله و لعنتها الملائكة
و كل المقدسات إذا ما فزعت أو تناءت بنفسها بعيدا كما تعودت و تمت برمجتها من قبل؟
ما هذا التنكيل المعنوي باستخدام سيف اللعنات الإلهية لإجبار امرأة علي أن ترتمي و تتجرد أمام رجل أصبح زوجا بموجب بعض الأوراق و بعض مظاهر الاحتفال.
(هي في البدء كانت إنسانا كاملا، فهكذا أرادت المشيئة الإلهية و لم تتقبلها العقلية البدوية الجدباء بتفسيراتها القاحلة للدين إلا أن تكون سبيا، لحما مجردا لغريزة الرجل و بالتالي تكمن ورائها كل الشرور و يكون من الطبيعي أن يتم وأدها معنويا بتغطية هذا الجسد الملعون و يا حبذا أيضا هويتها الكائنة في وجهها الشيء الوحيد الذي يميز بيننا و يصنع هوية شكلية علي الأقل، ثقافة استوردناها حديثا من صحراء نجد و الطائف).
"كان يجب عليك أن تحدثيها قليلا عما ينتظرها في ليلة كهذه" قالت السيدة المعترضة
"و أنا كان حد يعني قال لي ، ده دلع بنات فاضي"
كانت أختي مثلي مغتاظة من الكلام و صعب علينا نحن الاثنتين حال الفتاة.
حكينا لأبينا ما دار أمامنا و ماذا يعني كل هذا من تخلف فكري و رجعية نراها لأول مرة في حياتنا:
"ما هكذا تكون الأمور، فالزواج يا بناتي رحلة تفاهم و تكافئ يجب أن تكون سعيدة منذ اليوم الأول، و الله سبحانه و تعالي قال في كتابه الكريم أنها علاقة أرقي من مجرد الحب، و الهيام و الشهوة، هي خليط من المودة و الرحمة ، و هما كلمتين تعنيان ضمن معاني رقيقة كثيرة، التعاطف، الصداقة، المشاركة، الحنان، الاحترام و الاحتواء أي أرقي مشاعر إنسانية يمكن أن تربط بين أثنين"
"لابد أن هناك خلل ما قد أصاب عقل هذه السيدة"
عقبت أختي و هي تضحك و تقلد طريقتها في الكلام:
"و النبي يا أختي بالللل.....حزام"

بعد سنوات و ما بين سفري و عودتي، تغيرت أختي كثيرا، فأمثال تلك السيدة الغريبة أصبحن زميلات في عملها و جارات و قريبات بل و نجمات مجتمع يضربن جميعا حصارا صارما علي الأفكار و المشاعر و المعتقدات و أصبحت أنا الغريبة، إذا ما تناقشت في أي موضوع يعتبر الآن من المحرمات، و هن كثر، أو أبديت اعتراضي علي شيء غير منطقي أو ألفت النظر إلي بديهية مهملة، أكون أنا نفسي تلك التي:
"لابد أن يكون قد أصابها خلل ما في عقلها……"

السبت, يوليو ١٦, ٢٠٠٥ ١٢:٤٨:٠٠ م  
Blogger From East to West said...

I found it… found it I found where the main disagreement is coming from. I mainly was trying to talk about what the problem is coming from analyzing the factors that ended up with women to be where they are. Answering if they are the ONLY one to be blamed or not.
I agree with you that it is a hard question; are we shaped by the environment or shaped by our thoughts and minds? I am one of those who don’t believe in fate or that we are predestined to be a certain way or that we are driven to what we end up with. I very much believe that we do shape our future to a big extent but I always try not to ignore the important part the society plays which part of it is the child’s up bringing and the early shaping for the personality. I also try [even when I don’t succeed many times] to be able to see both point of views and both sides. I wondered before how people can’t see the truth, how they can’t be wiser and fighters to get what they are believing in but by time I came to find how wrong I was to think that there is a one truth, probably this truth never exists in the definition I use to think. What I learned from that, more than anything, is to understand that there are many sides to the truth and it is helpful to me and others to understand the different sides. What I mean from all of that, I tried to point out the part the society plays, I NEVER said that people are objects should stand where anybody else would place them, I wanted to say that we need to change the society, this society is the people; you, me and everybody else [men and women, boys and girls] not to blame part of it and leave the rest because if we have to blame, we need to blame the whole society, I wasn’t excluding women but I thought they are the ones paying the expensive price anyway.
I remember seeing a show about multiple marriage and if the man can love more than one wife or not and so on…they asked a doctor who started by saying; you have to define for me what do you mean by love first because your definition of love might be different than mine” I feel that in essence we are doing the same thing here, we are talking about the same thing but we have our own definitions of the same thing.
Thank you for the nice article and the wonderful comment

الأحد, يوليو ١٧, ٢٠٠٥ ٥:٤٦:٠٠ ص  
Blogger سؤراطة said...

شكراً على تعليقك، وأود أن أقول أن هذه المناقشات في الاتجاهات الايجابية من الفكر - بمعنى بين ما هو عميق وما هو أعمق من أجمل ما ينعش الفكر.
تحياتي

الأحد, يوليو ١٧, ٢٠٠٥ ١٠:٢٩:٠٠ م  
Blogger سؤراطة said...

إيمان: أشكرك أولاً، وثانياً أكيد تعرفين تأثير مثل هذه القصص علينا: نسمعها كل يوم ولكننا لا نعتادها أبداً وكلما سمعناها أحسسنا بنفس الوجع ونفس الهموم. وزاد عليها مجتمع كله يريد أن يسير إلى الوراء بخطىً حثيثة ولا يعنيه من يدوس في طريقه إلى الصحراء حيث الناقة والجارية حوراء العين

الثلاثاء, يوليو ١٩, ٢٠٠٥ ٦:٣٥:٠٠ ص  

إرسال تعليق

<< Home

<
eXTReMe Tracker
Office Depot Coupon Codes
Office Depot Coupon Codes