عندي "شوية" صداع
الصداع لا يرحم. لا يحترم الصداع النصفي إلا من عرفه ويقول الناس ببساطة "عندي صداع" للتعبير عن اضطراب خفيف بينما تمثل لي تلك الجملة آيات الوجع. حين تعاني الصداع النصفي تصبح الرؤية مشكلة والسمع مشكلة والوضعية مشكلة وأي حركة ولو بالعينين تمثل ضغطه وجع جديدة. لا أعاني فقط من رهاب الضوء أثناء تعرضي للصداع النصفي إنما أعاني بالأكثر رهاب الصوت. بالرغم من كل المسكنات التي خلطها الطب يعرف الأطباء والمرضى معاً أن علاج الصداع النصفي الأول هو أن تطفىء النور وتخمد الأصوات وتغلق عينيك وتحاول أن تستكين ولا تقاوم الألم بمحاولة تغيير وضعيتك. تفيد بعد المناورات القديمة، الضغط ما فوق الحاجبين وبينهما، الضغط على مواضع الجيوب الأنفية والضغط على عضلات الرقبة. أعرف أن الكثير من الصداع مصدره العلاقة بين الكتفين والرقبة ولكنني أنسى كتفي ورقبتي دائماً وأنا في الخارج، ربما لهذا يأتيني أغلب الصداع بينما أكون خارجاً وأعود للبيت فكأني أكتشفه بعد مرحلة من رهاب الأصوات في الشارع.
يفسد الصداع الغد عادةً. غالباً ما أحتاج ليوم من النقاهة بعد نوبة شديدة، حيث يبقى رأسي ثقيلاً وأعاني الآلام في عضلاتي وبالتالي على خطط الغد أن تتغير. لا يغامر المرء بتحدي التطور الطبيعي لنوبة صداع إلا لو كان يرغب في المزيد. أتخيل الصداع كائناً صدئاً يضغط بيدين حديتين على الجبهة والصدغين ولا يرخي. ساقان ثقيلتان وظهر مغلل للأرض وألم مذل. أياً كان المخطط للغد عليه أن ينتظر والمسكنات تساعد فقط على احتمال الألم ولا تسكنه. لو كنت تعانين من نوبات الصداع المتكررة تعرفين الشعور بأنك تحت رحمة نوبة قد تأتي في أي وقت فتغير أجمل الخطط.
ينصح الأطباء من يعانون الصداع أن يسجلوا ما يستحث نوباتهم. طعام، أصوات، وضعية، ضغط معين ويشجعونهم على تغيير أنماط من حياتهم للسيطرة على النوبات المجنونة وبخاصة إنه ليس من المحترم أن تقول لأحدهم إنك لم تذهب إلى المكان الفلاني أو إلى العمل لأن "عندك صداع" فيكون عليك أن تخفي العلة ربما بعلة أكثر قبولاً لدى الجماهير التي لا تعرف الصداع.
يذكرك اسم الصداع بالتصدع ولكن شيئاً لا يتصدع. هو يضغط وجمجمتك تقاوم وجسدك كله يحاول أن يحتج فيزيد الضغط.
حين تنفرج النوبة أبقى غير مصدقة لفترة إنها مضت وألزم وضعيتي وسريري غالباً حتى أتأكد أنني لن أنتكس. أضغط عظام وجهي حيث كانت مواضع الألم لأتأكد أنها ذهبت. أتحسر على اليوم الذي مضى وعلى ما فقدته فيه.
أرجوك لا تقل ببساطة "عندي صداع".
التسميات: أوجاع، حاجات في الحياة
3 Comments:
وحشتيني .. راجعة إمتى؟
سلامات
الحقيقة مصطلح صداع نصفي غير مقتنع به تماما، فهل النصف الأخر قادر على القيام بنصف المهام التي كنت أقوم بها
بالطبع لا
اذن فهو صداع نصي
وشلل تام وعدم الرغبة في عمل اي شئ
لكن الحقيقة فكرة التدوينة قد توحي لي بكتابة شكل من أشكال القصص القصيرة تحت عنوان صداع نصفي
سلامات
تحياتي
حسن أرابيسك
"عندي "شوية" صداع"
I really didnt know that much about how painful is it or how you guys deals with it . But now , after reading your article, i claim that i do . I really enjoyed reading it.
warm regards
Mohammed
إرسال تعليق
<< Home