الخميس، ديسمبر ٢٩، ٢٠١١

مت يا مايكل وأرحنا من مأزقك

من المتوقع أن ينهار جسد مايكل نبيل سند خلال أيام قليلة، مايكل داعية السلام وإن كرهتم، رافض التجنيد الإجباري في الجيش الباسل وإن امتعضم وأحد مؤيدي اللاعنف وإن تأففتم وبصقتم وزففتموه بالسباب. هانت، سير الأمور ينبىء بأن مايكل سيريحكم من مأزق دعمه قريبا.
قررت أن أكتب الكلمتين إل جايين دول لأنني أنوي أن أكون صادقة مع نفسي ولا أنعي مايكل نبيل، عشان لما مايكل نبيل هيموت جوعا سيتحول فجأة إلى بطل الساعة وأهي فرصة نشرشح للمجلس العسكري والمحاكم العسكرية راقصين على جثته. توقعي وقتها هو أن تتبارى الأقلام والبرامج والمواقع والنشطاء في الولولة ونعي "شهيد" حرية الرأي، لذلك وقبل أن يموت حبيت أقولكم ياريت ساعتها تنكتموا وجاتنا جميعا ستين نيلة أكتر م إل جايانا عشان إحنا نستاهل كل نيلة منهم وأي من هيفتح بقه ينعي مايكل يقفله أحسن ويخلي عنده دم لأن ساعتها دي هتبقى تجارة فجة بجثته.
نحن، الثوار، الذين نادينا "حرية، كرامة إنسانية" ووضعنا أجسادنا فداءً "للحرية" قضينا شهورا بينما مايكل يعيش رسالته ويدفع ثمنها حتى الفلس الأخير من صحته ولحمه الحي نتجادل حول "لياقة" مساندة "داعية سلام" وشخص من "رافضي العنف" ومناسبة ذلك ومنافعه ومضاره على الثورة والمقاومة بينما كان جسده ينهار يوما بعد يوم. نحن أرازل النشطاء الذين دعمناه بعبارات من نوع: "خليه يخرج من السجن وبعدين يروح في ستين داهية"، نصبناه "محب للصهاينة" وهو ما لم يقله يوما. ثم أفقنا بعد نحو من فقدان مايكل نصف وزنه ونصبنا أنفسنا أبطالا محايدين عندما
اكتشفنا إننا سنؤكل يوم يؤكل مايكل نيبل وقررنا إذ فجأةً بدون أي تفكير في منفعتنا الشخصية أن قضيته في النهاية قضية رأي لابد من الدفاع عنها بعد أن عصرنا على نفسنا فدان ليمون أضاليا عشان نستحمله جاه القرف في رأيه الزبالة ولكن ماذا عسانا أن نفعل؟ نحن أصحاب مبادىء لا تتجزأ. استقبله السجن الحربي وسط لعنات الأقباط ومعظم النشطاء وما هذا الصهيوني العميل محب إسرائيل إل هنهزله طولنا وندافع عن قضيته؟ نكل به دعاة "المقاومة المسلحة" حتى أنسوا الناس اسمه ومعاناته وجعلوه مرادفا "لعميل إسرائيل"، واستكمالا لسفالتنا معه نكل به الأقباط لأنه تجرأ على نقد الذات العليا في الكنيسة الأرثوذوكسية التي تفاخر الكاثوليك بإنها لا تعترف بعصمة لبطريركها، ثم إن مايكل ملحد، مالنا وماله؟
سنمارس نحن النشطاء بعد انهيار جسد مايكل ألعاب العهر التي نجيدها بكفائة ونفرق دمه بين القبائل. سنبلغ قمة العهر ذاك في نعي "البطل"، بل ربما نتجاوز ونعتبر مايكل نبيل "بطل من أبطال الثورة".
إلهي وإنت جاه نتنيل ساعتها ونسكت ونستحي على دمنا.
لقد وَضَعَنا مايكل نبيل في اختبار حقيقي ورسبنا جميعا وكان سقوطنا مدويا. أغرقنا البلاد نعيقا عن حقوق الإنسان وحيادها عن أي معطيات وزعقنا"ولا نرضى بالتعذيب ولا لحبيب العادلي". حتى جاءت ساعة الامتحان. أتم أحد أشجع ثوار يناير دوره كاملا بأن نفذ بإرادته: "طعن الخناجر ولا حكم الخسيس فيا" بل واختار ما هو أصعب من طعن الخناجر، الاضراب عن الطعام والدواء، ناهيك عن أنه كان أول من فهم لعبة العسكر ونحن مديونون له حتى النخاع. فهل أفقنا وانتبهنا لامتحان مبادئنا واختياراتنا؟ على الإطلاق! جاميه! أغرقنا مواقع التواصل الاجتماعي نقاشا وسجالا حول "رأي" مايكل، الذي يفترض أننا، ،نحن النشطاء المثقفون المترفعون عن الشعب الجاهل بثقافة حقوق الإنسان وحرية الرأي لا نسأل من الأساس ما هو هذا "الرأي". بلغ ببعض منا التبجح بقوله أن ربط قضية مايكل نبيل بقضايا المحاكمات العسكرية "هيخسرنا كتير". أصحاب مبادىء صحيح، ثوار طاهرون.
دم مايكل نبيل لن يلوث أيدي العسكر، سيلوث أيدينا نحن جراء تذبذب مواقفنا وميوعتنا ومياصة دفاعنا عن "حرية الرأي" حين لا يعجبنا الرأي أمام صاحب رأي رفض التنازل أو التراجع قيد أنملة. حق حرية الرأي والتعبير التي بارينا بها الخلق المتخلفين البهائم الذين لا يفهمون يعني إيه حرية رأي حين لم يعجبنا الرأي أصبح محل نقاش عبثي من نوع "هو ده رأي؟"، "لا مكان لرافضي المقاومة المسلحة بيننا" .النشطاء المثقفون واضحو المبادىء كالشمس الساطعة في أغسطس يعرفون تماما هذا المبدأ ولا يحيدون عنه، إننا الثوار الأطهار، أعيننا مغمضة كالعدالة في "مسألة مبدأ"، كل ما في الأمر إننا قضينا شهورا فقد فيها مايكل نصف وزنه وصحته نتجادل "هو ده رأي ولا مش رأي"؟
مايكل نبيل سند برقبة قورطة من نشطائنا. أكتب هذا الكلام قبل وفاته لأنني لا أنوي أن أنعيه. مايكل نبيل برقبتنا لأنه عاش ما أعلن إيمانه به بالضبط. كتب إنه مؤمن بالمقاومة السلمية وتمسك بمقاومته السلمية على طريقة غاندي بالإضراب عن الطعام حتى النهاية، رفض الاعتذار ورفض أن يحني رأسه، كتب موضحا إنه مستعد للموت ولم يتراجع. سواءً أعجبتك طريقة غاندي أم لم تعجبك فأنت أمام انسان لا تستطيع أن تمسك عليه خطأ التلون والخذلان وخزي الميوعة. خاض معركته بلا سند وبلا نقطة دم واحدة. مات من أجل ما يؤمن به بدلا من أن يَقتل من أجله. . أما نحن الأطهار الذين لا نتهاون في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير فقد هشتجناه ونظمنا له مسيرتين تلاتة ولم نتوانى عن التغريد: "أساند مايكل نبيل رغم إنه كذا وكيت"، "أساند مايكل رغم إنه إبن هرمة صهيوني"، "أساند مايكل رغم إن ما عنديش مانع أسلخه حيا" "أساند مايكل بالرغم من إنه عميل" وتويتر عندكم، اقروا "مسانادتنا" لمايكل.
لذلك أرجوكم رجاءً حارا ألا تقتلوا مايكل نبيل مرة أخرى في قبره بعد أن قتلناه في زنزانته. اسكتوا، اتركوا الثابتين على حقهم في حرية الرأي والتعبير وأصحاب العزيمة في حالهم. لا يحتاج مايكل منكم التفضل عليه بلقب شهيد، ما تخلوش ال ف القلب ف القلب، قولوا إل ف نفسكم "غار في داهية إل بيحب الصهاينة" حسب ما قوْله من قوله. أخرجوا ما في النفوس وقولوا غار بتاع المقاومة السلمية وريحنا من قضيته إل كانت ممخولانا وأوف، يع، الواحد مضطر يتضامن مع واحد زيه.ما أرجوكم ألا تفعلوه هو أن تبجلوه وتعظموه وتنصبونه أحد "أيقونات" الثورة وتلاعبوا به العسكر والإعلام العالمي. فمايكل نبيل الذي وقف بلا دعم يذكر يواجه الجوع والضعف والتنكيل بإيمانه بقضيته منا ومن عرجنا بين الفرقتين براء.
العني إن نعيت مايكل نبيل سند بكلمة. فنحن لا نستحق حتى أن ننعيه.

<
eXTReMe Tracker
Office Depot Coupon Codes
Office Depot Coupon Codes