الأربعاء، نوفمبر ٢٧، ٢٠١٣

إمبارح أو (واحدة بتزعق للناس الوحشين)

إحنا الصوت "عالي الطبقة" ... لما تحبوا الدنيا سكوت

إمبارح نزلت الشارع من بدري.الساعة 5صحيت والساعة7 كان ﻻزم أجري على مشوار مهم.تهت وأنا راجعة في الطريق وهاجمني الدوار إل محدش عارف يخلصني منه والقيادة بقت صعبة.قررت أرجعالبيت في المقطم قبل ما أنزل وقفة "ﻻللمحاكمات العسكرية للمدنيين"قدام مجلس الشوري. كنت عارفة في قلبي إن الناس هتتضرب وهيتقبض عليها النهاردة، عادة حدسي بيبقى صح بالرغم من إن ناس كتير ما كانتش متوقعة:مسيرة لشهيدعند جيكا ووقفة تحت عيني لجنة "الخمسين"(مية مسا عالناس الكويسة وخالد يوسف ابن الناس الكويسين).
رجعت البيت والدوار إل مش راضي يسيبيني في وقتمهم في حياتي كإنه نوع من اﻹذلال على أشده. بعدها عرفت زي كل مرة تقريبا إن حدسي كان صح.الثوار بيتقبض عليهم.النهاردة تقدر تقول بقلب جامد إن إل في الشارع دول الثوار، ﻷن الثورة بتنقي نفسها من الوجوه الألعبانية حتى إل كنا فاكرينها وجوه ثورة انكشفت (ساالخير يا بثبث يا إل بتعايري الناس بتعرضهم للتعذيب).
الساعة6 سمعنا صفافير وطبول في شارع 9،جريت يمكن أشوف حاجة.نزلنا يسري وأنا بسرعة. لقينا اﻹخوانجية ماشيين بيطبلوا ورافعين المرة دي أعلام إل اتقتلوا في خمسة وعشرين يناير.شفت علم كريم بنونة. طلعت من شباك العربية ومشينا جنب المسيرة وأنابأصرخ بأعلى صوتي إل فاضل من دوار مُذِل"مالكوش دعوة بكريم بنونة يا وﻻد الكلب!مش إنتوا السبب في النيلة إل إحنا فيها دلوقت!”.افتكرت مرسيهم إل أُنتج على إيد أحمد مكي طيب الله ثراه قانون التظاهر إل شباب تاني مش هم بتقبض عليهم به. طيب الله ثراه تجوز ع الحي والميت ودول محتاجين الدعوة دي حتى من قبل ما يموتوا.لو دعينا بعدما يموتوا هيكون ثراهم مطيب بتفافة ثورة وشهداء وأطفال أعمارهم اتسرقت وأنا أحب أنهي خلافاتي عند الموت.
قلت أنا في الشارع خلاص.دوار وﻻ مش دوار بقى يبقى طلعت حرب.ركننا ومشينا.الشباب كانوا قاعدين هاديين، ﻻ هتاف وصوت. كانوا هتفوا كتير وشموا غاز ومحتاجين يرتاحوا.اﻷولتراس بيولع نار. لماشفت صورة القبض على منى وسلمى ونازلي ومها مأمون غضبت على إصحابي، بس كنت عارفة إن مش هم المشكلة. كنت عارفة إنهم ﻻزم هيطلعوا، الطغيان مش قد حبسهم دلوقت والدنيا هاجت تماما.كنت عارفة إنه زي ما منى سيف عارفة:إل مش معروفين وإل مالهمش حاجة تسندهم سواء شهرة أو عيلة أو فلوس هما إل هيتبهدلوا ويدفعوا الثمن اﻷكبر. زي العادة.
ابتدينا نشجع الهتاف شوية.كان في منظر  مهم في الميدان:مافيش كُبارات(الثورةبتنقي نفسها وبتوع المواءمات والظروف مش مناسبة ومكافحة اﻹرهاب حلوا عن سمانا).الكبارات بتوع: الوقت مش مناسب للثورة، كإن في وقت مناسب لثورة أو إن الرط في التلفزيونات أوهمهم إن الناس مستنية إذن فضيلتهم أو بأﻷحرى:إذن فصيلتهم..
حاولنا نعلي الهتاف تاني.عدد البنات كان أكتر من المعتاد.بنات من إلممكن يكونوا حائط صد كويس وده إل عايزة أضيفه لشهادتي بعد ما أحكيلكم خطتي البسيطة إل بأعملها دايما ﻷني أضعف من إني أكون منى سيف أو نوارة أو رشا عزب.ﻷن جسدي مهزوم وبيفاجئني بكل أنواع المفاجئات بس روحي مش مهزومة وبتبقى عايزة تزعق ف الوحشين.أوصي يسري لوا تقبض علي يدخل لي الدوا إل من غيره ممكن جسمي يتعب قوي ومش عايزة أضعف لو اتحبست.يمكن لو اتحبست جسمي يشد حيله. مش عارفة.
الشهادة دي شهادة شخصية وعامة عن مشهد الشارع الثالث إل نزلته من ساعة حكم اﻹخوان.إذا حبيتم تقروها وهي خلطة هزيمة أجسادنا قدام عشق عقولنا للحرية. يمكن تلاقوا فيها حاجة مفيدة.
يحاول يسري قبل أن نتخذ قرار النزول بينما أنا غاضبة على جسدي وعقلي الذي يرفض جسدي اﻻستماع إليه أن يُسري عني بأني لم أكن عند مجلس الشورى وقتها بسبب مرض. أرد  إني لو كنت رحت عند مجلس الشوري كنت هأبقى واقفة جنب منى ويمكن كان يتقبض علي وده كان هيبقى مفيد ﻷن هما أفيد في الشارع وأنا ماليش فايدة، هتكوم في حبس زي ما أنا متكومة دلوقت ويمكن يكون لي فايدة.كننت طلبت من الكون الصبح يأخدني الحبس بدل حد من الشباب إل جسمهم ما بيخذلهمش وبيقدروا يشتغلوا ويعملوا حاجات في الشارع.نوزع اﻷدوار صح.. لكن ما حصلش.أنا بأنزل الشارع عشان أزعق في الناس إل بيعملوا حاجات وحشة وشريرة.شجعنا الهتاف شوية، غنيت مع اﻷولتراس مع اﻻحتفاظ بحقي في إن لما يبقوا إل رفضن التحرك وهما عارفين كويس إل ممكن يتعرضوا له ومجلس الوزرا مش بعيد عشان ما يتقبضش ع الشباب لوحدهم ما يصحش نستعمل ألفاظ بتحقر من أجسادهن حتى لو بنشتم العسكر.وسمعنا صوت المدرعة والخرطوش، قبلها كان الغاز وبدأنا  نجري. يسري أول مرة ينضرب عليه خرطوش.مسكت إيده وجرينا وحاولت أحتفظ بهدوئي إل علموني إياه السكان اﻷصليين لمحمد محمود في الظرووف دي وغطيت راسي وقلت ليسري يغطي راسه "وبعد كدة أي حاجة مقدور عليها".مسكنا إيدين بعض وغطينا راس بعض ورا عربية راكنة.مرت المدرعةإل بتضرب الخرطوش.شفنا إل بيضرب.لفت نظري إنه بيضرب "ﻷعلى"بعكس ما اﻻستعمال "القانوني"للخرطوش "بيقنن" عشان ما يبقاش قاتل. أوغاد بلا شرف..
الناس حاولت تتجمع بعدها بس ما كانش في هدف واضح لليلة، كان باين إن بكرة – إل بقى النهاردة هو إل هيخلي ليلة أبوهم ليلة سودة.هتاف "وﻻزمان وبعودة... ليلة أبوكم ليلة سودة"
بينما نجري ندخل خلف البنك المركزي، هناك بناء أو تجديد أو موقع.يقول الموظف حارس الموقع: “إيه،إنتوا جايين هنا ليه؟".أرد عليه بالحدة المناسبة:“عشان في ناس بتضرب رصاص علينا برة"،يرد قاسي القلب "وإحنا مالنا، إنتوا إيه إل منزلكم؟ (فرع  من "إيهإل وداهم هناك”).أرد:“مالكش دعوة،لما أتصاب برصاصة وأموت قدامك ما تعملش حاجة"،يبدأ الرجل في تكرار كلام محفوظ وأسعد إنني "زعقتله".يبدو إن "حرس البنك المركزي"من الجيش الباسل المدجج بالسلاح وواقيات الرصاص سمعوا صوتنا فخرجوا.دي لعبتي.بأبقى عارفة إنهم ﻻزم يبقى عندهم أوامر يتعاملوا، بأوزن بحدسي بأقصى منطق ممكن مع ناس الريح بتصفر في دماغهم.اترجيت الوﻻد يرجعوا ورا. بدأت أعاير العسكر وأنا باصة في عينيهم.حاول "عظيمهم"أن يهدأ الموقف ويسألني عايزة إيه؟ فرديت "عايزة أعايركم يا مصنع الرجال يا إللي مسلحينكم من لحمنا الحي عشان تقبضوا على بنات مافيش في إيدها حاجة"،"أنا هو ماعيش حاجة أهاجمك بيها"ورميت قزازة المية ع الأرض في حركة مسرحية ورفعت إيديا اﻻتنين مفتوحين أمامه.المجندين سكتوا. المجندين ما بيهمونيش، بيهمني أكسر عين “عظيمهم”قدامهم، يمكن ده يساعدهم لما جيش كسرالنفوس ييجي يكسر نفسهم وتعزيهم فكرة:“يا كوماندا إنت في بت مش شايلة حتى طوبة هزأتك في الشارع على رؤوس الأشهاد وجاي تعمل علينا دكر هنا”.الذكور كالعادة جم يهدوا النفوس ويقولوا حاجات من نوع:دول إخواتنا.قلت له لا ياحبيي ده ضابط، يعني مختار وإذا ما أخدتش موقف مختلف يبقى ﻻ من إخواتنا وﻻ البقين الحمضانين دول. أناعارفة ضباط أخدوا مواقف مختلفة.سفالة العسكرية مش قدر.
بعدها في تمشية رجوع في مواطنة شريفة نزلت يبدو على صوت الزعيق بتقول "دي منتشقتنا، البوليس ييجي يكسحهم وﻻيلمهم". ثم فقرة كاملة من ليالي طويلة جراء السهر أمام التلفزيون.ولأني شريرة لقيت في فتاة قناة أولى لوك لوك فرصة لفقرة كوميدية ترفيهية ونسلي الثوار السهرانين شوية.زعقتلها بهدف تلطيف الجو بفقرة كوميدية.قلت لها الشارع بتاعنا وغنيت لها الشارع لنا. ﻷن ما عندهاش إلا كلام محفوظ كلامها ما صمدتش قدام الغنا والضحك والنظرة البلهاء إل في عينيها كانت بمليون جنيه. غالبا استغربت إن الثوار بيغنوا مش بيشتموها.لما اتغاظت دفعتني في صدري فأكملت غنا ورفعت كفي مفتوحة للأعلى. علامة إني مش هأستعمل عنف.أنا ما بأضربش حد. حتى المواطنين الشرفاء.بدأت تشتم فقعدت أطنطت في منتهى السعادة وأصقف.وأقولها:”اشتمي،اشتمي، اشتمي" وعلى وجهي ابتسامة سعيدة.ساعتها بتفهم ليه هم إل يبدون منتصرين متكدرين قوي كدة وإحنا إل بنغني ونضحك.التكدير ع المواطنين الشرفاء شيء عظيم، خصوصا لما يبقوا بيعيدوا بالضبط بالضبط إل بيسمعوه في التلفزيون..المشكلة حصلت تاني: الشباب ما فهموش إن دي فقرة ترفيهية وإني بأسليهم وصمموا يناقشوها ويتخانقوا معاها.بصيت ورا وقلت ليسري: ﻷﻻزم أرجعلها، مش هأسمح إن حد يتعدى عليها،دي كانت فقرة فكاهية وكنت بأرقصهالهم شوية، مش عشان ندخل في نقاش أو تستفز حدمن إل بيستفزوا فيضربها.المهم الشباب قرروا يرجعوا عند المواطنين الشرفاء مابينها وبين البنك المركزي ويهتفوا "يسقط يسقط حكم العسكر".نظرة البلاهةعلى وجه المواطنين الشرفاء تستحق التعب والجري من الخرطوش.جاني راجل ما أعرفوش قال لي:لو عايزة تأخدي حقك منها وتضربيها بالشبشب عينينا،محدش يجيلينا في الشارع ويقول لنا "دي منتطقتشي". قلتله يصلي ع النبي، دي كانت فقرة القرداتي مش عشان تاخدوها جد، كان قصدي ألطف لكم الجو المحتقن.
لما الثورة هتنقي نفسها البنات هيظهروا أكتر وذكورية الثورة هتقل كتير.تامر موافي على تويتر: “هأنأجل النقاش في خراء تشبيهكم البنات بالرجالة للمدح وهنبقى نسبخ لذكوريتكم بكرة"
يابنات. إحنا عندنا ميزة مش عند الشباب نقدر نستغلها لمصلحة الثورة. أنا على ضعفي وعلل جسمي عملتها كذا مرة.العسكر عنده مشكلة إنه كله ذكور وما بيعرفش يتعامل إزاي مع البنات والمسألة بالنسبة له توريطة. ورطوهم.بعد اﻻستفتاء ع الدستور والتحرش بالبنات في 2006نزلنالهم بنات بس في الصفوف اﻷولى.بنات الثورة تنزل في الصفوف اﻷولى.ما هن في الصفوف اﻷولى! يعني منى وسلمى ورشا عزب فين؟ يا شباب أرجوكم ما تضيعوش مجهودكم في حماية الفتيات بزيادة عن حماية زمايلكم طالما عاقل بالغ رشيد فده قرارها، ماتعدلش عليه لمجرد إنك "ذكر"ﻷن النتيجة إن إنت هتنضرب أو تتسحل أو يتقبض عليك ومش شرط إنها تنجو. مش شرط إنها عايزة تنجو.إحنا شركاء من 2005 واسألوا بناتنا إل اتحبسوا وإل اتسحلوا في 2006وما بعدها.
إل عايزة أقوله وإن ما عجبكمش أو حسيتوا فيإهانة لرجولتكم: جسم الفتاة مش أغلى عندي من جسم الشاب. حياة البنت مش أغلى عندي من حياة الولد.اغتصاب الفتيات بيقابله اغتصاب الشباب والتعرض الجنسيي لهم والصدمة واحدة والشباب بيسكتوا عشان المجتمع مش هيقبل كلامهم.بيكفوا على خبرهم ماجور. لمابتتضرب البنت مش بتتألم أكتر منك وصدقوني وقت اﻷدرينالين أجسامنا بتعمل العجايب.ما أعتقدش إن في بنت مننا عايزة شاب يروح عشان دافع عنها. كدة إحنا عبء ع الثورة.خلينا أذكيا.استغلوا نقطةضعفهم وتخبطهم. ده بالتأكيد للبنات إل اختيارها كدة.زي ما في شباب دورهم في الصفوف اﻷولى وشباب دورهم في الصفوف الخلفية. إل مش عارفاه إزاي نثبتلكم بعد كل إل عملناه إننا قادرات. حتى الضعيفات إل زيي ما عندهمش مانع يتحبسواعشان واحد فيكم يقدر يقوم بدور أكبر منهافي الشارع. كلناهندافع عن بعض ﻷن دي رفقة الثورة، بس بلاش وإنت بتدافع تبقى بتفكر دي ولد وﻻ بنت.قدرة البنات على اﻻحتمال وخلق الفرح أكبر من تخيلكم.ده غير إن سجون النساء كمان أفضل حالا، يعني لواتحبسنا إحنا وفضلتم إنتوا برة على اﻷقل الدنيا هتبقى أفضل نسبيا.وأرجوكم.بطلوا تستخدموا أعضاء منى وسلمى وسناء ونوارة وأمينةوسامية وهند نافع في هتافتكم ولو ضدالعسكر. إنتوابتهينونا كلنا.


إحنا الصوت "عالي الطبقة" ... لما تحبوا الدنيا سكوت

الخميس، نوفمبر ٢١، ٢٠١٣

كنتُ أكتُب


كل يوم صباحا يهاجمني العجز عن الكتابة. كنت أكتب. قال لي بعضهم إنني أكتب "كويس". كنت أكتب كل يوم. كنت أقضي ساعات طويلة أكتب. كتبت عن السياسة والعالم وفلسفتي الخاصة، رأيي ونكاتي وقصصي القصيرة ومواقف الحياة. كتبت عن الشغف وعن العشق، عن أجسادنا ومتاعب الرأس. كتبت عن حلم الثورة، ثم عن الثورة. كتبت عن الموت وأروقة المستشفيات ورائحة الدم والغاز. كتبت عما أرفضه. كتبت كثيرا.
عام 2010 واجهتني ضربة ثقيلة، أصبحت بعدها عاجزة عن الكتابة. إن كتبت أحتقر ما أكتبه وﻻ أهتم إن لم يتم حفظه في ملف. أظنه ينقل تيهي الشخصي وﻻ ينقل تفاؤلي العام بالثورة والناس.
عصبية أنا جدا. ولدت عصبية. ﻻ يوجد أي ممن عاصروني في طفولتي لم يشكو من عصبيتي. سمعت مرة صوتي مسجلا وأنا طفلة على شريط من شرائط التسجيل القديمة كنا نسجلها لنرسلها لخالي. صوت حاد وعال يصرخ" إزيك يا خالوووو!!!!!!!" كإن النيران مشتعلة في البيت. ما أذكره أيضا أنني وُلدت غضبانة. أﻻحظ ما ﻻ يلاحظه اﻵخرون وأغضب. في صوري في الصغر نظرات غضب. كانت الكتابة منفذ. تعلمت الكتابة والقراءة مبكرا فبدأت أكتب، في البداية حسب قواعد الكتابة كما أقرأ ثم تعلمت وجوب إلقاء القواعد في سلة القمامة. لم ينتبه كثيرين أنني أكتب. لم أنتبه أنا أنني أكتب إلا بعد ظهور المدونات. بدأت الكتابة الطويلة اليومية التي لم أنشر منها أكثر مما نشرت يطور لي أسلوبا يخرج مني الغضب. أسخر من السخفاء، سخريتي قاسية، في الكتابة انتقم لنفسي ممن سخفوا حياتنا، ممن لقنونا الحياة كما ﻻ يجب أن تكون. أسخر من ذكورة الرجال بقسوة، أكتب ما أعجز حتى أحيانا عن اﻻعتراف به لنفسي بصوت عالٍ. كنت أكتب وانا أحس برهبة، كإنني مقبلة على شيء ﻻ نعرف ما سينتج عنه بالضبط. لم أخطط أبدا لمقال. مثلما لم أخطط اﻵن أن أكتب هذه. مثلما أكتبه بإهمال على صفحة فيسبوك مباشرة مهددا بالضياع في حال انقطعت الكهرباء أو انفصل الخط او اصطدمت يدي بالخطأ بزر ما. ﻻ أعرف إن كنت ﻻ أهتم لهذه الدرجة لماذا نزلت دموعي اﻵن.
أصبت ضمن ما أصبت به منذ 2010 بالعجز عن الكتابة والتبلد تجاهها، تجاه منفذي الوحيد فزادت وجيعتي.
ضمن ملفاتي خطابات للأصدقاء لم أرسلها أبدا. كلام عن الثورة والسياسة. كلام عن الجنس والعشق واﻷحلام. كلام عن الطب واﻹدراك وعلوم الدماغ. أغلب ما عليه إرهاصات ﻻ تكتمل ﻷفكار ﻻ تكتمل. ﻷفكار تخشى أن تكتمل.
كنت أريد أن أنشر ما كتبته عن صديق فقدته. كنت أريد أن أكتب عن أصدقائي واحدا واحدا. كنت أريد أن أكتب عن العيش مع اﻷشباح، عن لحظات ما قبل الموت، عن اﻷفلام والكتب التي أحبها، عن وسادتي، عن قراءة رواية لكاتب تعرفه، لكنني نضبت. لم يعد ما أكتبه كتابة. صار شيئا ممسوخا. ربما أعود أكتب. ربما ﻻ. ربما تحول الغضب لدموع فما عاد هناك معنى للكتابة. كتابة الولولة أسوأ أنواع الكتابة.
أنا في انتظار طريقة أو طريق. أسير في اتجاه عله يقود لشيء ما. أعرف تدريبات لمن يكتبون ليعودوا أو يبدأوا الكتابة، لكن أحدا ﻻ يعرف تدريبات لكي تعيد شغف الكتابة. أتدرب فربما يعود الشغف وربما ﻻ. حتى إحساس لوحة المفاتيح يبدو غريبا، ظهور الكلمات أمامي يبدو غريبا. أشعر بتعب يتسلل من عنقي إلى الظهر.
دائما ما أردت أن أكتب بلا هدف. لم أشتق لنشر مدونتي، ﻻ أشعر بشيء معين تجاه رؤية اسمي مطبوعا. كنت فقط أكتب وكان هذا يسعدني. اﻵن حين أكتب يبكيني ذلك لسبب ما وأشعر بوجع في مكان مجهول وأتذوق دموعي.
أحدهم استاصل جزء مني.

<
eXTReMe Tracker
Office Depot Coupon Codes
Office Depot Coupon Codes