السبت، يوليو ٣٠، ٢٠٠٥

تستاهل يا كولمبوس

مهداة: إلى كل أصدقائي من الفتيان الذين ضللت الطريق معهم في دروب الحياة - يعني مرة وأنا رايحة القلعة أتفرج عالليلة الكبيرة ومرة وأنا رايحة الأوبرا والذي منه- توهوني ولا يهمكوا مش هأعيط ولا أقول مش لاعبة - وعلى رأسهم حبيبي الذي تهت معه من ساعة ما عرفته حتى يومنا هذا أحلى توهان
كل المعاناة: هي أن تتوه - تضل الطريق يعني - بينما أنت بصحبة رجل: لماذا؟ لأن
الرجال لديهم مبدأ مقدس ألا يسألوا عن الطريق، يعني ما بيسألوش مثلاُ واحد في الشارع: "لو سمحت هو شارع كذا منين؟" إلا بعد أن نكون قد تهنا حاجة كدة بتاعة ساعة، مضروباً في ثلاثة لو كان هذا التوهان مثلاً على الطريق الصحراوي بين المحافظات، ويبدو إن الظاهرة عالمية، فقد وصلتني إحدى نكات السيبر مكتوباً فيها ما ترجمته: "كولمبوس لم يسأل عن الطريق ولا نحن كذلك"
يا خيبتكو! ما لقيتوش غير ده؟ ماهو لو كان اتنازل عن المبدأ الرجولي وسأل أي عيل صغير كان عرف إنها أمريكا مش الهند، وكان على الأقل مات وهي متسمية "كولمبيا" على اسمه، مش على اسم أمريكو ... يستاهل
...

الثلاثاء، يوليو ٢٦، ٢٠٠٥

تعريفات عالماشي

مدرسة القرع المباشر:
"مصر مهيأة الآن لدخول أفق جديد فطائرتها مجهزة، بقيادة أبرع الطيارين، الذي أثبتت تجاربنا معه أنه يقودنا إلى الطريق الصحيح، فهو لا ينجرف إلى المغامرات، ويضع دائماً نصب عينيه أمن مصر وأرواح ومستقبل أبناءها"
أسامة سرايا – جريدة الأهرام – الجمعة 22 يوليو

مدرسة القرع غير المباشر:
"البابا شنودة ومطارنة وأساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية يسعدهم استمرارية الرئيس محمد حسني مبارك في رئاسة مصر لما يرونه فيه من حكمة سياسية وسماحة وخبرة عميقة في إدارة شئون البلاد..."
جزء من البيان الذي وقع عليه بطريرك وأساقفة ومطارنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية


مخرج الواقعية:
"صفوت الشريف: مؤتمرات بالمحافظات لاختيار مرشح الحزب الوطني"
جريدة الأهرام الجمعة 22 يوليو

الفكر الجديد:
"المغربي يعرب عن قلقه من تأثيرات تفجيرات شرم الشيخ على حركة السياحة والتي تهدد بسلب مصر 6،6 مليار دولار"
نشرة الأخبار

فكر: أنا دماغي جزمة قديمة:
"المتحدث باسم مجلس الوزراء ورئيس الوزراء ومحافظ جنوب سيناء يصرحون بأن التفجيرات لن يكون لها تأثير كبير على حركة السياحة المصرية"
برضه نشرة الأخبار
أنا جردل: أدلقوني
د.فرخندة حسن (عضو المجلس القومي للمرأة) في سوهاج: المرأة أصبحت تمثل قوة انتخابية ضاربة وعليها ممارسة حقها دون تهاون
الأهرام - 22 يوليو


منتهى الكفاءة:
القبض على 200 شخص لعلاقتهم بتفجيرات طابا ومحاكمة سبعة

نتيجة منتهى الكفاءة:
أحد الانتحاريين في تفجيرات شرم الشيخ هو "محمد فليفل" المطلوب لعلاقته بتفجيرات طابا

منتهى الكفاءة تاني وهلم جرا:
القبض على 90 شخص لعلاقتهم بتفجيرات شرم الشيخ وملاحقة 6

سؤال غير برئ:
ليه إحنا قبضنا على كل الناس دول وانجلترا لم تقبض إلا على ثلاثة؟

الاثنين، يوليو ٢٥، ٢٠٠٥

أصدقائي صديقاتي

مُهداة إلى توأم روحي وصديق عمري وحبيبي – اليد التي حملتني حين تركني الجميع أسقط، القلب الذي وثق بي حين شكك فيَ أقرب الناس إلي، والعينين اللتان ترياني بالأمل فيما يمكن أن أكونه، والرجل الذي رأي فيَ المرأة بعقله وليس بالميراث الذكوري المقدس

زوجي العزيز – مثلي – له صديقات كثيرات من الجنس الآخر، ومعظم صديقاته من الجنس الآخر فتيات من النوع ذو الشخصية الشيقة المتفتحة،لا أعني "زميلات" أو "معارف" إنما أعني أنهن صديقاته بمعنى الصداقة: يحبون التواجد معاً، يقدر أحدهما الآخر جداً، تجمعهم اهتمامات عدة مشتركة، بالاختصار يعني بيحبوا بعض بشكل خاص وبتجمعهم علاقة خاصة تسمى صداقة. وفي حديث صباحي عابر سألت زوجي عن إحدى صديقاته والتي كانت أخبارها قد انقطعت عني منذ مدة، وكانت هذه الصديقة مرتبطة بعلاقة قوية به، وكنت أنا سعيدة بذلك بشكل خاص لأن الفتاة كانت تعاني من حالة كآبة ما، ومن مميزات صديق عمري الاستقرار النفسي الشديد الذي لم أجد له شبيهاً إلا فيما ندر، وهذا الاستقرار النفسي ووضوح الرؤية يجعلانه حائطاً صلباً يمكن أن ترتكن عليه باطمئنان حين تهتز سفينتك بعض الشيء، متأكداً أن سفينته لن تهتز معها، حين سألت عن هذه الصديقة عرفت أنها في الأغلب قد تمت خطبتها، وإنه – منذ اتمام هذه الخطبة – يشعر أنها تحاول التقليل من اتصالاتها ولقاءاتها به، وبالتالي فهو يحاول أن يجعل الأمر متروكاً لها، مشتماً رائحة خطيب أو زوج تروع رجولته إذا أكنَت امرأته أية مشاعر آدمية "لذكر" آخر غيره.
انزعجت بعض الشيء من هذه الحكاية وإن كانت حكاية متكررة، وتذكرت أحد أصدقائي ، حين قال لي في لقاء بعد أن تزوجت أنني واحدة من قليلات احتفظن بصداقتهن لأصدقاء الجنس الآخر بعد الزواج، وإنه حتى من بين "الشلة" فمعظم من يتزوجن يعتزلن أصدقائهن الرجال أو تتحول صداقتهن بهم إلى معارف عائلية أكثر منها علاقة خاصة كما كانت قبل الزواج.
كنت طوال عمري – منذ بداية أطوار المراهقة ومحاولة التفريق بين الجنسين – متمسكة جداً بالصداقة وقدسيتها بين الرجال والنساء، وأن أصحاب رأي عدم وجود صداقة بينهم كما سمعت كثيراً يحقرون من الصداقة نفسها، وأن من لا يستطيع أن يعامل الجنس الآخر على إنه صديق ممكن، دون أن يربط ذلك بأفكار جنسية إنما لا يؤمن جانبه في الصداقة عموماً، لأنه يفترض في الانسان الحيوانية إلى درجة عدم القدرة على رؤية الآخر من منظار بشري لا جنسي. والبنات المراهقات الجميلات التي جمعتني بهن نفس الصدف السعيدة التي تحدثت عنها مسبقاً، كن يحدثنني عن التحذيرات التي يتلقينها من الاختلاط (فما بالك بالصداقة) فكنت أشعر بالغيظ – فنحن نحضر أولادنا وبناتنا لرؤية الآخر من خلال الهرمونات الغالبة عليه أو عليها وليس من خلال العقلية الغالبة عليه أو عليها، وبعدها نلومهم حين يصيبهم الهوس بالجنس أو الخوف منه. وهذا التمسك بالصداقة أياً كان طرفيها هو ما يجعلني أنزعج – بلفظ خفيف – من تخلي الفتيات غالباً والفتيان في بعض الأحيان عن أصدقائهم من الجنس الآخر عند الارتباط أو الزواج: فهل كانت الصداقة لعبة لتوفيق رؤوس في الحلال؟ أو كما تفعل الكثير من الفتيات طريقة للحصول على زوج وبعدها تم المراد من رب العباد يتم التنازل بمنتهى البساطة عن الخاسرين في السباق؟ أم أن الصداقة رخيصة إلى درجة التخلي عنها على أول عتبة في حالة رغبة الزوج المُهدد في حماية ذاته غير الواثقة بنفسها من اطلاع أي شخص على مكنونات عقل وقلب "امرأته"؟ هل هي لعبة جنسية أو تضييع وقت حتى الزواج أم سوق لعرض العرائس والعرسان ارتباط الفتيان والفتيات في صداقات قبل الزواج تنتهي بعد الزواج؟
الصداقة ليست "علاقة" بسيطة يتم التضحية بها في مقابل علاقة أخرى – قائمة في الغالب على القيم الخطأ – وزوجي – في ملاحظة دقيقة - يستفز حين يعبر شخص عن علاقته بأخرى أو فتاة عن علاقتها بآخر قائلين: "إنه مجرد صديق" أو "إنها مجرد صديقة"، نافيين بهذا أن العلاقة "ترقى" من وجهة نظرهم لمستوى الحب، فيقول: "وهل الصداقة علاقة "بسيطة" حتى يقول أحدهم: "مجرد" صديقة أو "مجرد صديق"؟ ومن قال أن علاقة الصداقة هي أقل في المقام من علاقة الحب؟"
علاقة الصداقة علاقة قوية جداً، مختلفة عن علاقة الحب وإن كانت أحد المكونات الأساسية له (وهذا حديث آخر)، ولكنها ليست أقل شأناً أو قيمة. والذي يقدر الصداقة حق قدرها لا يضحي بها من أجل حب، وإلا بني حبه على المبادئ الخطأ.
أنا سعيدة بصديقات زوجي، وأسعد حين ألتقيهن في صدف الحياة فيعبرن عن حبهن له واعتزازهن بصداقته وحين يسألن عنه متي سافر يحتضنه متى عاد و حزينة أن تتخلى صديقة زوجي عن صداقته إرضاءاً لزوج عقله يعمل بنظام المفاتيح والأقفال. وسأحزن لو تخلى عني أصدقائي بناءاً على طلبات زوجاتهم. وحزينة أن تعامل الصداقة على إنها علاقة "استبن"، انتظاراً لعلاقة يعتقدون إنها "أصلية"، أو العلاقة "الأقل" شأناً والتي يضحى بها في مقابل العلاقة "الأعلى" شأناً
..

السبت، يوليو ٢٣، ٢٠٠٥

تعالِ أيتها المولودة* بالجديد

حزن وبكاء
وضحايا أبرياء
في شرم الشيخ ولندن وصنعاء
فالدم كله سواء
الدم كله سواء

الدم المسفوك في اليمن
ودم المعذبين في السجن
وفي العراق ضحايا الفتن
كله دم سواء

لو قتلوا القاتل عز عليَ دمه
كما عز دم القتيل
فماذا عساي أفعل؟
فكل الدم عندي سواء

لا أريد للقاتل الاعدام
ولست مولعة بالانتقام
وتحريم الدم لا يعبر عنه أبلغ كلام
وكله سواء

لماذا عجزت أيها الانسان
يا نصف الإله أو تكاد
عن فهم قدسية حياة العباد
وانطلقت هائماً في البلاد
بالعدة والعتاد
قاتلاً تحت كل المسميات
الدفاع عن الديمقراطية؟
ما لها الديمقراطية؟
قتال الكافرين؟
أولعل الله منتظركم له منقذين؟
وحماية الأمن
بسفك دم المعارضينَ
وفرض الرأي بقتل المخالفينَ
مصر ولبنان والصينَ
وبلاد الملاحدة والمؤمنينَ
واليهود والمسلمينَ
والهندوس والمسحيينَ
أما من باق انسان
يقول: "دمي" ولا دماء الآخرين؟

تعالِ أيتها المولودة* بالجديد
تعالِ بروح وليد
بانسان الدم عنده ليس كالثريد
وليسوا البشر عنده بكومة
إنما كل انسان في تفرده – فريد
تعالِ بجنس جديد
وليس بهذا الانسان الخائب
تعالِ بجنس الأحرار
عوضاً عن أجناس العبيد
______________________________________________
* المولودة المقصودة هي "تيا" أميرة غاندي التي أتت مباشرة من الجنة هذا الأسبوع حاملة معها الأمل الذي يحمله كل مولود جديد، وتابع أخبار رحلتها إلى دنيانا محبي تدوينة غاندي الرقيقة

الخميس، يوليو ٢١، ٢٠٠٥

عقد عمل لتفيدة

تفيدة – لمن لا يعرفها – شخصية اشتهرت من مدونة جار القمر بالزغرطة، وجار القمر كان يدعو تفيدة للزغرطة كلما أعطانا الاخوان المسلمين درساً جديداً في فنون: "إللي تغلبه العب به".
وأنا أدعو هنا لعمل عقد عمل لتفيدة لأنه على ما يبدو ستزغرط كثيراً ولا يصح أن نستغلها كدة بلوشي، وممكن استكمالاً للفنون الفلكلورية المناسبة أن ندعو "معددة" تغطينا وتصوت
اسمحلي يا جار القمر أن أتوجه أنا بالدعوة الرسمية هذه المرة لتفيدة أن تزغرط بعد أن أتحفنا الاخوان بردهم – على لسان مهدي عاكف – بأنهم "لم يقرروا بعد إن كانوا سيدعمون مبارك أم لا في انتخابات الرئاسة" وأن لهم طلبات وقد يدعمونه إذا وافق عليها، خاء الخبر في جريدة الشرق الأوسط رداً على خبر في مجلة آخر ساعة يؤكد بأن الأخوان سيدعمون مبارك في الانتخابات.
كانوا ليه عايزين يدخلوا في تحالف مع الحركات الداعية للتغيير والتي ترفض أي تعديلات في طلباتها بعدم التمديد ولا التوريث؟ كانوا ليه بيطلعوا في المظاهرات مع هذه الحركات نفسها وقطبهم محمد عبد القدوس ممسكاً بالميكروفون، يؤذن للصلاة في وقت الآذان (مع إن أحداً لا يتحرك من مكانه) كنوع من إعلان "إحنا أهه" و"احنا حلوين شوفوا بنأذن إزاي؟" كان كل ده ليه؟
الحمد لله أن الحركات المصرية الداعية للتغيير رفضت التحالف مع الإخوان، والحمدلله أيضاً إنهم اعتذروا عن المظاهرة الأخيرة، والحمدلله أن أحداً من الحركات الداعية للتغيير لم يسقط في فخ التعاون معهم
ومادام بقى هنقبض تفيدة، مافيش مانع نعلن عن جائزة ربع جنيه بحاله للي يضبط الاخوان مرة ملتزمين بمدأ أو مدافعين عن قيمة أو حتى ثابتين على نفس النغمة، أو بيتكلموا بسياسة الوصول بالقيم السليمة مش بأي سلم والسلام
وبعد إذن جار القمر ... خللي تفيدة تغطينا وتصوت

الاثنين، يوليو ١٨، ٢٠٠٥

السائرون خلفاً

"السائرون خلفاً، الحاملون سيفاً، المتكبرون صلفاً، المتحدثون خرفاً، القارئون حرفاً، التاركون حرفاً، المتسربلون بجلد الشياه، الأسود إن غاب الرعاة، الساعون إن أزفت الآزفة للنجاة، الهائمون في كل واد، المقتحمون في مواجهة الارتداد، المنكسرون المرتكسون في ظل الاستعداد، الخارجون على القوانين المرعية، لا يردعهم إلا توعية الرعية، ولا يعيدهم إلى مكانهم إلا سيف الشرعية، ولا يحمينا منهم إلا حزم السلطة وسلطة الحزم، لا يغني عن ذلك حوار أو كلام، وإلا فقل على مصر السلام"

فرج فودة ... مقال حوادث أسيوط وتداعيات السقوط، نشر بمجلة روزاليوسف بتاريخ 12 مايو 1986


كنت قد كتبت مقالاً مليئاً بالغضب تعليقاً على ما حدث في مسألة الكاتب سيد القمني وردود السادة منتصر الزيات محامي الجماعات الاسلامية و"رئيس لجنة الحريات" بنقابة المحامين للمفارقة والسيد كمال حبيب على العربية نت.
وكانت الأخبار والتعليقات عليها في الحقيقة قد أصابتني بحالة من الاشمئزاز وكأنني شممت فأراً نتناً... وبعدها أغلقت الملف وشعرت أنني لا أريد أن أتحدث عنهم.
الهدف هو أن يسكت الجميع، وهم في ذلك أذكياء لأنهم يعرفون أن الفكر الحر هو الخطر الأول عليه، وإنهم إنما يقتاتون على الجهل والانغلاق وظلام الكهوف
إنما أريد أن أقول إن الفكر، خاصة في هذا العصر قد أصبح من المستحيل الحجر عليه، والفكرة متى طارت فقد انتهينا، خلدت للأبد.
لذلك فقد ولدت هذه المدونة يوم حكموا على القمني بالاعتزال أو القتل http://www.sayyedelkemni.blogspot.com/ وستوضع عليها كل مقالات القمني التي سنستطيع جمعها: فمن كانت لديها مقالة رجاء ارسالها إلى limolena_j at yahoo dot com مشفوعة بالمصدر، ومع هذه المدونة ولدت مدونة أخرى تأخرت ولادتها كثيرة، وهي المدونة التي سنجمع عليها أيضاً كل ما نستطيع من مقالات الكاتب الشهيد فرج فودة، والذي اغتيل في ظروف مماثلة من قبل "سمَاك" . http://www.faragfouda.blogspot.com/ ويا ليت من لديه أو لديها أي مقالات لفرج فودة ارسالها على نفس العنوان الالكتروني
إن فرج فودة الراحل وسيد القمني من أهم الكتاب الذين دافعوا عن العلمانية كسبيل وحيد لتكوين مجتمع محترم تستطيع فيها كافة الثقافات والأديان أن تتعايش، وللأسف فإن كل ما خطه فرج فودة حدث بحذافيره بعد أن كانوا يقولون له: "أنت تهول، إنهم مجرد شباب صغير مغرر به" فهاهم يغررون بنا جميعاً.
وقبل أن تقلب/ي الصفحة ارجع/ي لأول سطر واقرأوا ما كتب فرج فودة عنهم فهو أبلغ من أي غضب ومن أي كلام.
وأما الحرية فلا بواكي لها .... ا

السبت، يوليو ١٦، ٢٠٠٥

أدينا وسعنا وهما ما وسعوش!

هناك مقالة قديمة لرامي – أعتقد إنها من مجموعة "وسع من وش العقلاء" – كان يتحدث فيها عن كتابة الشعارات والعناوين سواء في الأخبار أو في غيرها بشكل مخالف لحقيقتها ويجعلها محفزة لردود أفعال بعيدة تماماً عن العقلانية من أمثالها "أفيقوا يا مسلمين ... اليهود قتلوا المصلين"، المهم، تذكرت هذه المقالة اليوم وأنا أستمع إلى جزء من برنامج إخباري على قناة العربية. استضاف البرنامج شخصاً اسمه "عدلي أبادير" يقول إنه ينوي ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية. الرجل مقيم في زيورخ وهو قبطي بالطبع، وأنا في الحقيقة لا أعرفه إنما أريد أن أعلق على شيء حدث في الحوار معه ذكرني بمقالة رامي. فقد سأل مذيع العربية الرجل إن كان فعلاً قد قال إنه ينوي عرض تغيير المادة الثانية من الدستور المصري: "والتي تنص على أن الشريعة الاسلامية ... عفواً مبادئ الشريعة الاسلامية مصدر أساسي للتشريع". هذا كان نص ما قاله المذيع مصححاً خطأه بكل دقة. فرد عليه الرجل بما معناه إنه في حالة نجاحة سيسعى لفصل الدين عن الدولة وعدم تسييس الدين – وهو التسييس الذي أساء للاسلام كما يقول الرجل وأن هذا مطلب يشاركه فيه الكثير من عقلاء المسلمين. أما على العنوان العريض في أسفل الشاشة فقد ظهرت الجملة التالية: "أبادير يقترح الغاء الاسلام كمصدر للتشريع" !!!! من قال أن الاسلام مصدر للتشريع أصلاً؟ ما يسمي مبادئ الشريعة الاسلامية شيء والاسلام وهو الدين شيء آخر تماماً، إن ما يسمي "بالشريعة الاسلامية" وهو عنوان لما اختلفت تحته النصوص بشكل كبير مختلف كذلك تماماً عن "مبادئ" الشريعة الاسلامية، وهو ما دعى المذيع نفسه لتصحيح خطأه حين قال الشريعة الاسلامية بدلا ًمن "مبادئ الشريعة الاسلامية" - يا سلام على الدقة - ! ووضع العنوان بهذه الطريقة الوقحة إنما هو خطأ فادح يوحي وكأن الرجل يريد التعدي على دين الاسلام بشكل ما. هل هي مصادفة على قناة العربية؟ أعتقد إنها ليست كذلك
أرجو ألا يتهمني أحد بالدفاع عن الرجل فأنا لا أعرفه وهذا هي المرة الأولى التي أسمع فيها باسمه على الاطلاق، وبالرغم من أن كلامه ليس بالأحمق إلا أن شخصيته على ما ظهر من البرنامج ليست تلك التي تستطيع مخاطبة الجماهير فقد كان عاجزاً حتى عن مخاطبة المذيع! إنني فقط أدعو لتأمل الطريقة التي كتبت بها الجملة على وزن "أفيقوا يا مسلمين ... اليهود قتلوا المصلين"

إلى أحمد سبع الليل - الجندي المجهول

من أبرز ما شهدته المظاهرة الحاشدة، رفض أحد جنود الأمن المركزي ضرب المتظاهرين بالعصي وصراخه "كفايه".."كفايه" بشكل هيستيري.. حتى أحاط به الضباط وأنهالوا عليه بالضرب وسحبوه إلى أحدي سيارات الأمن المركزي ليكملوا الإعتداء عليه إرهاباً لزملاء له عبروا همساً عن تعاطفهم مع المتظاهرين.

عن موقع
كفاية


إهداء: إلى أحمد سبع الليل – البرئ الذي ظهر بعد طول انتظار

أخيراً ظهرت
بعدما انتظرناك طويلاً
أعذرنا أن لم نستطع حمايتك من أيديهم النجسة
وواجهت قدرك وحيداً
تحت أحذيتهم وكعوب بنادقهم
أنت البرعم الذي طال انتظاره
وكنا نعلم إنك آت لا محالة
غصة في حلقي عليك
ولكنها ليست غصة حزن خالص
فلو نجح واحد في الفرار
سيفر الآخرون ذات نهار
لعلك اليوم وحيداً في زنزانة
تلملم جراح ضربهم الوحشي
إن صرختك البريئة
دوت معلنة أن كل القهر لا يمحو ضمير الانسان
قالوا لك عنا كل ما قالوه
ولكن ضميرك الذي لم يغطه الغبار
أبى إلا أن تصدق عينيك
ولا تصدق الكبار
علك أشجع منا
وأنقى
حتماً كنت تعرف ما ينتظرك بعد صرخة لا!
ورغم ذلك لم تستطع السكوت
ولم ترضى بالسقوط
لن تكون برعماً فحسب
بل ستكون شرارة نار تسري في الحطب
لا نعرف لك اسماً نناديك به
ولا نعرف لك مكاناً نواسيك فيه
قلوبنا معك أيها الرجل البرئ!

الجمعة، يوليو ١٥، ٢٠٠٥

خلق الله المرأة (4) تعليق

في حوار قصير دار على تعليقات مقالات خلق الله المرأة نوقشت فكرة مفادها أن النساء ليس باستطاعتهن شيء إزاء "برمجة" المجتمع لهن على سلوك معين، وأنه من غير العادل أن يطلب من المرأة أن تثور بينما هي مهددة من كل الاتجاهات بالقتل أو التعذيب في أقصى ردود الفعل وبالنفي الاجتماعي في أدناها
ولا يمكن طبعاً أن ينكر دور المجتمع في تطويع أفراده للأدوار التي يريدهم فيها، فهو يطوع العامل أمام رئيسه ويطوع المواطنين أمام أصحاب السلطة ويطوع المرأة كذلك مقابل الرجل، ولكن هذا جزء من الحقيقة وليس الحقيقة كلها، لأنه بالرغم من هذا التأثير، لا يمكن اختصار الانسان إلى مجرد رد فعل على عالم خارجي، فالانسان أكثر تعقيداً من هذا التجريد المخل، ولأن الانسان أكثر تعقيداً، فبالرغم من وجود كل هذه السدود المادية والاجتماعية والقانونية أمام المرأة فهناك الكثيرات والكثيرات من النساء، ونسبة ليست هينة منهن أتت من مجتمعات قاسية جداً، اللائي أبين أن يعشن على الهامش، سواء في المجتمع أو في الأسرة. إن ما يفعله المجتمع هو وضع سدود وعراقيل أمام ميل الانسان الطبيعي كانسان للحرية، ولكن لأن هذا الميل أصيل جداً في الانسان فأقصى ما تستطيع المجتمعات أن تفعله هو أن تجعل الطريق أصعب ولكن من المستحيل أن تغلقه. وهنا يظهر بقوة أحد العوامل الأخرى في اللعبة: قبول الانسان ذاتياً للقيود المفروضة عليه، بمعنى أن أتحول أنا إلى معول الهدم في كياني دون احتياج لعامل خارجي. هناك فرق كبير بين أن أقبل وضع ما لأنه ليست لدي القدرة بعد على تغييره وبين أن أقبله لأنه ما يجب أن يكون، ومن تفعل ذلك، من تقبل الوضع على إنه الوضع الطبيعي فتلك قصة أخرى، ولا أستطيع أن أعفي الانسان من أنه يختار بإرادته الحرة، فالفتاة التي تعجز وهي طفلة عن مقاومة تعرضها للتشويه الجنسي (الختان) شيء، وتعريض الأم ابنتها للتشويه الجنسي شيء آخر ولا أستطيع أن أساوى بين الاثنين بمعنى أن الطفلة مضطرة والأم مضطرة، ولا أستطيع كذلك أن أساوي بين الأم التي تفعل بابنتها هذا الفعل الشنيع عن قناعة وبين من تفعله تحت تهديد الأب أو غيره. إن الانسان له في النهاية السيطرة الكاملة على وعيه: يختار أن يؤمن ويختار أن ينكر، وكل التعذيب في الدنيا لا يستطيع أن يغير قناعات الانسان، قد يقول بلسانه ما يقول ولكن ما في عقله ليس لأحد غيره سيطرة عليه. وأنا إن تعاطفت مع من تقبل بالأوضاع المقلوبة عن احساس بالعجز عن تغييرها (والذي قد يكون حقيقياً في كثير من الأحيان)، فلا أستطيع أن أتعاطف مع من تؤمن بأنها عورة وبأنها درجة ثانية وبأن الرجل قوام عليها لأنه خلق بقضيب بينما خلقت هي بمهبل! عفواً، هذا هو نفس ما يجعلني أقبل عذر من تخشى تأخير الغداء لأنها ستضرب حتى تنزف دماً دون قانون ولا مجتع يحميها، بينما أشمئز من آراء صافيناز كاظم وزميلاتها، هناك فارق كبير: فهؤلاء سيفلتون بمجرد أن يتيج لهم أحد فرصة الخروج لأن أسوارهم ما زالت خارجية، أما أولئك فلو فتحت لهم كل أبواب الخروج فهم هانئون – رجالاً ونساءاً – بزنازينهم وقضبانهم، والأمر من ذلك هو أنهم يدعون الآخرين إلى زنازينهم ولا يألون جهداً في وضع العراقيل أمام أبواب الحرية.
لا أستطيع أن أعفي الانسان من الاختيار، ولا أستطيع أن أعفي الفتيات المائعات في تمسكهن بحقوقهن سعياً لزوج بل وسعي لما هو أقل أهمية، والميوعة ليس تقصع المشي والضحك الرنان كما يحلو لمجتمعنا المريض بالهوس الجنسي أن يسميهم، الميوعة هي أن أتهاون في مواقفي حتى أصير كالماء الفاتر، لا يعرف لي رأي، فأنا عورة تتغطي لو قال "الأفندي بتاعي ذلك"، وعملي هو بيتي وأسرتي لو طلب ذلك وله مني السمع والطاعة، بينما أنا مثال الأناقة والشعر الحرير لو كان سيادته ممن يفضلون سحب معزة ملفتة للنظر في ذراعه بدل من معزة رأسها مغطي، وأنا امرأة عاملة طالما "سمح هو بذلك"، وأنا حريصة في ما أقول من آراء – خاصة في فترة الخطوبة – لئلا أخرج عن دائرة الدرة المصونة والجوهرة المكنونة ويتضح أنني خرجت إلى خارج العلبة ولو لبعض الوقت – هذه هي الميوعة: فلتتقصع الفتيات ما تردن طالما الرأي ثابت وغير مهتز – وإن كنت أشك في إمكانية الجمع بين الاثنين.
وإذا كنت أعذر الفتيات اللائي يتعرضن لضغوط شديدة – مثل الضرب والاهانة والتجويع والتقييد والطرد وغيرها- وبالرغم من أن بعض من تتعرضن لهذه الضغوط تصررن وتنجحن في الفرار – فما هو العذر الذي أعطيه لمن لا تتعرضن لمثل هذه الضغوط وتقبلن الذلة هكذا طواعية؟ أي عذر لفتيات الجامعة الجاهلات؟ أي عذر لمن تقبل أن يملي عليها فتى في أواخر المراهقة يصرف عليه والديه أوامراً بخصوص تصرفاتها ما يجب أن تفعل أو لا تفعل لمجرد إن سيادته تكرم وبلغة الجامعة : صاحبها؟ أي عذر؟ أي عذر أعطيه لفتيات لا يدخلن أقسام الميكانيكاً في كلية الهندسة: لأنه قسم غير مناسب للفتيات، بل لعل كلية الهندسة كلها غير مناسبة للفتيات، أي عذر للفتيات السائرات على هامش الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية ينتظرن كلمة من عيل معظمهن أكثر منه نضجاً بكثير لتكون مهمتهن إرضاء غروره الأهبل ونزواته الحمقاء وذاته التافهة؟ ما هو عذر خريجات كلية الحقوق – المحاميات – في عدم المطالبة بحقهن الكامل أسوة بالذكور من زملاءهم في التعيين بوكالة النيابة؟ أليست منتهى التفاهة أن ضحكوا عليهم بنبات شيطاني زرعوه في المحكمة الدستورية العليا؟ (النبات الشيطاني مقصود به عملية زرع المستشارة تهاني الجبالي وليس شخصها نفسه) ليس له جذور تمتد عليها بقية الفتيات ولا أمل في ارتقاء؟ ما عذرهن؟ ما عذر طالبات الامتياز في كليات الطب في تخليهن عن نبطشيات الليل كما يحدث على الأقل في بعض المستشفيات التعليمية وأتمنى ألا يكون فيها كلها.
للأسف ليست هناك حقوق تمنح، والحرية بالذات لا تمنح إنما تغتصب اغتصاباً، ولو منحت لتخلى عنها أصحابها بسرعة لأن ثمنها لم يدفع كاملاً حتى الفلس الأخير، وهذه هي تجربة التاريخ كله: تحرير العبيد، تحرير الدول، التخلص من السلطة الدينية وغيرها، كلها تمت فوق بحور من الدماء وتضحيات أخرى كثيرة، من أهم ما أحرزه تقدم البشرية هو تقديم وسائل للتغيير لا تستدعي سيلان دم الساعين إليه ولكن ليس معنى هذا أنه ليس عليهم تقديم أي نوع من التضحيات، لو انتظرنا المجتمع كي يتطوع بتحرير المرأة سيطول انتظارنا، وليس معنى هذا أن الدعوة ليس من الممكن أن تأتي من رجل، فالفكر والثقافة والتحضر لا جنس لها ولا وطن ولا دين، ولكن لا يعني هذا أنه يمكن لأن شخص أن يخوض الحرب عوضاً عن النساء: قاسم أمين بدأ الدعوة وقام بدوره كاملاً كمفكر (مع مفكرين كثر في هذا العصر الرائع لم تشتهر آرائهم في موضوع تحرير المرأة مثله) ولكن من دخل الحرب هن النساء: من خلعن اليشمك في المظاهرات كن النساء، ومن ضحين بالزواج للعمل بالتعليم كن النساء، ومن تعرضن لكن أنواع القهر النفسي كن النساء خاصة المثقفات منهن.
هذا لا يعني أن المعركة لا يخوضها رجال جنباً إلى جنب مع النساء، فالمساواة مطلب انساني ومعركة المرأة من أجل الحصول على انسانيتها كاملة يشاركها فيها الكثير من الرجال ولكن لا يمكن أن تصل إلى أي شيء لو تنحت المرأة عن المعركة، وعموماً الحق الذي يأتي بسهولة يضيع أيضاً بسهولة. فتجربة الستينات التي حصلت فيها المرأة على الكثير من الحقوق بأوامر عليا أكثر منها بالكفاح شهدت تنكر النساء لهذه الحقوق عند أول هزيمة، ومن كن يعملن ويسرن ويلبسن بحرية عدن من الخليج سائرات وراء أزواجهن بخطوات، وقد ارتدين غطاء الرأس وتفرغن للمحشي والبامية على مكاتب العمل، وخرجت علينا المنادون بطاعة الزوج والضرب الشرعي (جاته ضربه في قلبه)، وشرعية تعدد الزوجات وكأنها مطلب جماهيري، والزوجة التي تضربها الملائكة بالجزم لأن زوجها نام وهو غير راض عنها، والزوجة التي ستذهب لجهنم حدفاً لأنها رفضت فراش زوجها، وغيرها وغيرها من المبكيات التي ترددها النساء أنفسهن، لقد أعطيت المرأة حقوقاً لم تكافح من أجلها بل وحتى لم تطلبها فخلعتها عند أول منحنى لأنها لم تعرف قيمتها.
وبقيت كلمة في النهاية وهي أن هذا لا يعني تحميل المجتمع أيضاً مسؤوليته الكاملة عن إهدار حقوق النساء فيه، وليس هذا كله عذر كي يحدث انتهاك جمعي لهذه الحقوق نقول بعده للنساء أنتن السبب لأنكن لم تخترن الحرية، إنما هي محاولة ليتحمل كل من مكونات الوعي الانساني دوره الكامل، مع التشديد على دور الفرد مع نفسه لأنه الدور الوحيد الذي يملك الانسان سيطرة كاملة عليه. جمعتني الصدف السعيدة بمجموعة من الفتيات في أوائل سني المراهقة وكنت دائماً أقول لهن: لقد أوشك دور أهليكم في تربيتكم على الانتهاء، وأنتم الآن في مرحلة تربية أنفسكم حتى لو كان ذلك بالاضافة لما تبقى من دور الأهل: فعلى أي قيم ستربون أنفسكم؟

الثلاثاء، يوليو ١٢، ٢٠٠٥

فقط؟ فقط؟

يبدو إن عدد الجمعة من الأهرام سيكون عدد النكد الأسبوعي بالنسبة لي، وكل شوية أقول هأبطل أقراه في الحمام، وبرضه آخده، عادة صعبة بعيد عنكم... ما نا إللي أستاهل

وزير الصحة والسكان، إللي كان لما حسني مبارك لا مؤاخذه يكح، يطلع يقولنا بيان حوالين كحة سيادته وإن سيادته بيتلقى كل الرعاية اللازمة عشان كحة سيادته تروح، قال هذا التصريح في عدد الجمعة الماضي في صفحة اهتمامات الناس:
ا" تصريح وزير الصحة: 184حالة تسمم (بالبطيخ) "فقط"
وأنا عايزة أسأل حد يعرف معنى هذه الـ"فقط"، هل هي بتعني مثلاً إن العدد قليل وما يستاهلش الدوشة دي كلها؟ أو انبهار بأن العدد 184 فقط بينما المفروض يكونوا الفين مثلاً؟؟ ولا إيه بالضبط؟ وإيه هو العدد إللي عنده لن يقول وزير الصحة "فقط"؟ إيه المسخرة دي؟ ولا فعلاً، هي عادته ولا هيشتريها؟ ده في كل جملة بيقولها بيذكر "سيادته" حوالي عشر مرات "فقط". الرئيس بيعمل عملية في ضهره: على الأقل على حد علمنا، والباشا مسافر معاه؟ ليه؟ ويطلع يقولنا بيانات عن صحة سعادته: سعادته نام، سعادته صحي، سعادته بيطقق صوابعه ... وتقبل هذه المسخرة على إنها شيء طبيعي، أنا أفهم إن رئيس الديوان مثلاً يطلع يقولنا بيانات عن صحة الرئيس ولكن وزير الصحة،حد قاله إنه وزير صحة الرئيس؟ اسمه وزير الصحة والسكان والسكان بتموت كل يوم عشان مالهاش سرير تتعالج عليه وحضرته – المسئول عن هذه المهزلة – مسافر مع رئيس الجمهورية، إللي المفروض إنه واحد زي أي واحد، عشان يطمنا إنه فاق من التخدير، ولا نعرف هل سافر بصفته وزير الصحة؟ ومن قال إن وزير الصحة دوره رعاية صحة رئيس الدولة؟ هل سافر بصفته طبيب؟ طيب هذا ليس تخصصه وحتى لو كان تخصصه ... وبعد كل هذا يهل علينا ليقول لنا تصريحات من نوع فيه 184 حالة تسمم "فقط"
حكم

السبت، يوليو ٠٩، ٢٠٠٥

لا للفرز السياسي على أساس ديني

بيان يستحق أن ينال الدعم الكافي، لانهاء حالة من التفرقة على أسس دينية في مصر، ومحاولة تمزيق المجتمع - أكثر مما هو ممزق - بدعاوى دينية الخاسر النهائي فيها هو الشعب المصري المطحون ... في حالة موافقتك على محتوى البيان رجاءاً لا تنسي إضافة توقيعك
إلى جميع المصريين
بيان إلى كل من يحب مصر
لا للفرز السياسي على أساس ديني
نعم للمساواة والمواطنة الكاملة
الموقعون على هذا البيان نخبة من المصريين، و هم من مختلف فئات الشعب المصري وأطيافه الاجتماعية والسياسية، وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة ازدياد وتيرة الحديث عن موقف الأقباط من الدعوة للتغيير السياسي في مصر، وظهور اتجاهات تريد تشكيل الأقباط في فصيل سياسي منفصل عن السياق المصري العام، الأمر الذي يكرس مفهومي الطائفة والأقلية الدينية، وهما من المفاهيم التي نرفضها جملة وتفصيلاً ولذا رأينا توضيح الآتي: التأكيد علي مسيرة شعبنا المصري العظيم التي بدأت منذ ما يقرب من مائتي عام نحو تأسيس الدولة المدنية الحديثة القائمة على القانون والمؤسسات وصولاً إلى حق المواطنة الكاملة، تلك المواطنة التي يصبح بها الجميع مواطنون مصريون أولاً وأخيراً. وقد آثرنا إصدار هذا البيان بسبب ما أثير محاولات لتأسيس موقف قبطي من التغيير السياسي، وهو ما يعني- ضمنا- إعادة فرز الحياة السياسية على أساس ديني، والتعامل مع الأقباط بوصفهم كتلة سياسية واحدة أو طائفة بالمعنى السياسي للكلمة، وهو الأمر الذي نرفضه رفضاً قاطعاً لكونه يتناقض مع كل ما أنجزته الحركة الوطنية المصرية من تطور نحو تثبيت ركائز الدولة الحديثة. وننوه إلى أنه ليس من حق أحد التحدث بإسم الأقباط في الساحة السياسية بالمطلق، كما نرفض كل محاولات تحويلهم لكتلة سياسية واحدة، فمنهم الأعضاء في الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها، ومنهم من يشارك في المجالات المهنية والثقافية والفنية والاقتصادية، ومنهم من آثر الانسحاب من العمل العام ضمن أغلبية الصامتة من الشعب المصري نرفض رفضاً قاطعاً كل محاولات تمزيق الوطن على أسس دينية أو طائفية أياً كان مصدرها، وفكرة التمييز السياسي على أساس ديني أو طائفي أو عائلي، والأحزاب الدينية والدولة الدينية، كما نرفض بشدة الابتزاز الطائفي تحت أي مسمى أو سبب. وانطلاقا من ذلك نعلن رفضنا القاطع لفكرة التمثيل الطائفي في المجالس الشعبية والتشريعية أو التوظيف الطائفي أو العائلي في الوظائف العامة. ونؤكد رفضنا للتعامل مع الأقباط بوصفهم فصيلا سياسيا أو طائفيا منفصلا. وندعو جميع المصريين إلي العمل من أجل إلغاء كل مظاهر التمييز في المجتمع المصري، بما فيها مظاهر الوساطة والمحسوبية وتوريث الوظائف العامة فضلاً عن التمييز الطائفي والديني، ولنعمل معاً من أجل الوصول إلى اليوم الذي تكون فيه معايير الكفاءة والنزاهة هي القيم الرئيسية التي يؤمن بها كل المصريين في تزكيتهم للقيادة والإدارة نعلن دعمنا الكامل ومشاركتنا في الدعوة للتغيير السياسي الشامل وضبط إيقاع العمل السياسي الوطني في مصر، بما يضمن صالح الوطن والحرية الكاملة للمواطنين، ونؤكد رفضنا المطلق لكل المحاولات التي تقوم بها بعض القوى السياسية في داخل الحكم أو خارجه للالتفاف على رغبة الشعب المصري في الإصلاحنؤكد حق الشعب المصري في المطالبة بتغيير الدستور، ليواكب كافة المتغيرات التي حدثت في المجتمع المصري ليحقق عقداً إجتماعياً جديداً يضمن مبدأ المساواة والمواطنة الكاملة، التي تعني حق المشاركة الفعلية و الفعالة في إدارة الوطن في أي موقع كان لكافة المواطنين دون تمييز. كما يضمن تفعيل حق الشعب في اختيار كافة القيادات السياسية وفق ضمانات حقيقية تتيح المساواة الكاملة للجميع أفراداُ وأحزاباً- للترشح والتنافس والانتخاب وصولاً لحكم رشيد يعمل لصالح الوطن والمواطنكما نؤكد أن حركة المصريين جميعاً التي تعمل في اتجاه المواطنة الكاملة في دولة حديثة متقدمة تجعلهم معنيين بوجوب ضمان إلغاء كل أشكال الالتباس في الساحة السياسية الحالية بسبب سيطرة السلطة التنفيذية على كل من السلطتين التشريعية والقضائية، وصولاً لضمان قدرة الشعب على اختيار ومساءلة المسئولين التنفيذيين أياً كانت مواقعهم في السلطة بطريقة دستورية حقيقية وليست صورية، ودون خوف من بطش الأجهزة الأمنيةندعو جميع الأحزاب والتيارات السياسية أياً كانت مشاربهم ومواقفهم إلى السعي لجعل مبدأ المواطنة الكاملة والمساواة بين كافة المواطنين قضية إجماع وطني لا تحتمل التأجيل أو الالتفاف عليها أو التلاعب بها. بل إننا نطالب الأحزاب والقوى السياسية بإدراج صيغ قانونية محددة في برامجها تعلن بوضوح عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو المذهب وإقرار الآليات الواجبة لضمان عدم تجاوز هذا المبدأ
عاشت مصر حرة وأبناؤها أحرار
القاهرة يونيو 2005
التوقيعات

الخميس، يوليو ٠٧، ٢٠٠٥

وجدتها! ... عفواً ... وجدتهم كلهم!

إهداء: إلى العزيز فادي إللي كان موصيني كدة على مقال قصير بعد ما تعب من المقالات الطويلة، أهديه مقال عن ناس بيحبهم، اتفضل يا سيدي مقال طوله لا يتعدى الشبر عشان ما تتعبش في القياس، وانت تأمر يا باشا :-) ا

كان هناك سؤال يحيرني خلال الأعوام الماضية، فمنذ القرن التاسع عشر كان جيل المفكرين والكتاب الكبار يسلم لجيل آخر أصغر من الكتاب والمفكرين وهكذا، ومع ظهور الرواية – الفن الجديد في اللغة العربية – سلمت أيضاً حوالي ثلاثة أجيال المشاعل لبعضها، ولكن جيلنا نحن، جيل كل من هم تحت الأربعين لم ينتج إلا عدد قليل جداً من الكتاب، بل لم يعايش كتاباً غير بواقي جيل من الكتاب المحترمين وجيل آخر من الكتاب "الكسر" سواء من أبواق النظام أو أبواق التخلف بشكل عام، فكنت أفكر أن هذا غير طبيعي إطلاقاً، صحيح المستوى الثقافي للشعب بشكل عام انحدر كثيراً ولكن أين جيل المفكرين الجديد، واتضح أنني كنت أبحث في المكان الخطأ، في الجرائد والمجلات، سواء الحكومية أو غيرها، بينما الجيل الجديد من المفكرين والكتاب والأدباء في كل المجالات هنا! منتشرين في الأثير، كتاب على مستوى راق جداً في كل مجالات الكتابة التي تخطر بالبال فيما عدا الرواية الطويلة: صحافة، أدب، فلسفة، سياسة، أدب ساخر، قصة قصيرة ... كله كله موجود وتصنيفة بين جيد جداً وممتاز على أقل تقدير! وغالبيتهم العظمى – حتى هذه اللحظة على الأقل – غير مخترقين من قبل أرباب التخلف، بل وغالبتهم العظمى أيضاً خارج نظام "الفلترة" الذي تحدث عنه جيفارا في مقالة قريبة. ولأنني جديدة على دنيا المدونات عموماً فأنا مازلت في مرحلة الصراخ: "وجدتها"، وأصبحت قلما أقرأ جريدة أو مجلة، إنما استبدلهما بالمدونات، بالاضافة للكتب طبعاً. تنوع هائل وإثارة فكرية تكاد تفوق الاحتمال، فتجد نفسك تصفق وتقول الله! كنا قبلاً نبحث بإبرة عن مقالة جيدة في جريدة أو شيء من هذا القبيل، والآن نفتح الكمبيوتر ونحن متأكدون أننا سنجد مقالاً جميلاً يشبع عقلنا الجوعان جداً بعد أن تم تخديره من الجامعة للمواصلات للشارع لباقي كوارث الحياة! بل ونعرف إننا لسنا مضطرون للقبول بأنصاف الكتاب لأنهم أحسن المعروض، بل صرنا نعرف أن هناك جواهر تستحق البحث عنها و... كدة المقال هيطول وفادي هيرمي الهدية في وشي ..... فسلام يا جيل مصر الجديد من كتاب الصف الأول!

الاثنين، يوليو ٠٤، ٢٠٠٥

مش تعليق واحد، لأ دول اتنين

شكراً جارالقمر وتوت على تعليقيكما الجميلين على مقالات "خلق الله المرأة"، إن دخول شخص واحد للتعليق على المقالات التي نلقيها في الهواء لعل أحد يتلقفها نسمة صيف حتى لو تركت اسمها او اسمه ومشى، أما أن تأتي هذه التعليقات على مقالات قاسية مثل "خلق الله المرأة"، وأنا أعترف إنها قاسية، فهذا في الحقيقة أكثر مما أتمنى، بل وفي لحظة سألت نفسي: "ما ذنب من يقرأون في هذه القسوة التي تنضح بها هذه المقالات بالذات؟ "هذه الدماء ليسوا هم من أسالوها" على رأي بهاء طاهر في روايته المعجزة "الحب في المنفى"، لذلك فكونكم ترونها مقالات جيدة، بل وامتداحها هو بالتأكيد ربتة على الظهر وشدة على اليد عبر الأثير تعطينا الكثير من الوقود لنسير خطوات أخرى.
كنت في وقت قريب أتصفح مقالات قديمة في مدونة رامي وصادفت أحد أول مقالاته وكان يتحدث فيها عن انتظاره بشغف للبريد الالكتروني الذي ينبئه بوجود تعليق، ويتحدث عن الشعور الجميل المشجع الذي يملأ كاتب المقالات كلما وجد من يقرأ له ويتواصل معه بالتعليق، فقلت :"إذن حتى الكتاب الجيدين مثل رامي يشعرون بهذه الحاجة لمن يتواصل معهم، فما بال متواضعي الأداء من أمثال العبدة لله؟"
أشكركم جداً جداً، لأنني كنت بحاجة لمن يرد صيحتي عن هذه المقالات بالذات، أما سؤال توت في تعليقه فذكرني بقصة السيدة التي أرسلت لشو تسأله: "ما الاشتراكية?" فرد عليها بمجلد، فسؤالك يا عزيزي تحاول البشرية كلها الرد عليه من أول التاريخ، سؤال الجياع والعطاش إلى الانسانية حين يضحون بالكثير من أجل توصيل رسالة ويكون آخر ما تسمعه وسادتهم ليلاً: "يا ترى فيه أمل؟" ولكن الأمر لا يعدم أن أحاول دراسة سؤالك حول "ادراك النساء لما يحدث لهن" في مقالة كدة ولا حاجة، وأكتب في آخرها: "يا ترى هو فيه أمل؟"
وبالمناسبة ففي الجمعة التالي لملحق الجمعة الذي أثار هذه الأفكار، رد الأهرام التحية بأحسن منها واضعاً هذه "الطرف" أعلى الملحق:
"اثنان يحتاجان دائماً للترميم: النساء والجسور"
و" من الصعب أن تجد بطيخة طيبة أو امرأة طيبة"
ومن الطبيعي طبعاً أن تحتاج النساء "للترميم" هذا الاسبوع، ما دامت قد احتاجت "للضرب" في الأسبوع الماضي، أما وقد استعديت نصف البشرية فلا تلم هذا النصف أن يتحول كله لـ"أشرار"، فلا تجد فيهن "بطيخة" واحدة طيبة
وهذه دعوة لكل الرجال أن يسجدوا ركعتين لله بعد كل صلاة أنهم ليسوا من الجنس الذي يتعرض أسبوعياً - بالاضافة لكل ما سبق ذكره في المقال - للسباب على رؤوس صفحات الجرائد في العصر الذي "أخذت فيه المرأة كافة حقوقها" على رأي اسمهم إيه دول إللي بيطلعوا في التلفزيون ووراهم صورة سوزان بخمس أضعاف الحجم الطبيعي فطبقاً لنظرية المسكوت عنه بتاعة جيفارا فالجملة هي: العصر الذي أخذت فيه المرأة المتزوجة من الرجل الجالس على عرش مصر كافة حقوقها أو إللي هي بتقول عليها حقوقها من دمنا ودم أهالينا، كشفت راسي ودعيت عليها - بالعند في بتوع الشرك بتاع السيدة - هي وجوزها وعيالها، قولوا آمين.
أشكركم مرة تانية،
وتوت: لم نستطع الوصول لمدونتك عن طريق اللينك لأن البروفايل ممنوع الدخول إليه، نحب أن نعرف عنوان مدونتك حتى نقرأ ما تكتب

الجمعة، يوليو ٠١، ٢٠٠٥

خلق الله المرأة (3) الأمومة

خلق الله المرأة
(3)
الأمومة
لا تكاد واحدة من صديقاتي أو أصدقائي تتزوج حتى أجد الزوجة في مدة أقصاها عام وأقل من ذلك بكثير في معظم الأحيان (بل ويفضل في الشهر أو الشهرين التاليين على الزواج) قد حملت، وفي حالة تأخر الحمل أكثر من بضعة أشهر نجد الزوجين قد هرعا للطبيب يسألانه محسنات الخصوبة وعلاج هذه المسألة المصيرية. وأتغاضى في هذا المقال عن فرضية أن الزوج والزوجة – لمجرد إنهما تزوجا – قد أصبحا مستعدين لانجاب أطفال، وأتحدث عن الأمومة نفسها كجزء من حياة معظم النساء. تبدأ أمومة المرأة قبل انجابها الفعلي بكثير، حين تهيئ منذ الصغر لتكون زوجة وأماً، ويعتبر انجاب الأطفال من الأمور الأساسية في الزواج بل ويعتبر الكثير من الناس أن الزواج الخالي من الأطفال ناقص، بل ولا يفهمون مثلاً لماذا يتزوج الناس في حالة عدم رغبتهم في انجاب الأطفال، وتتلاشى مع هذا الافتراض بالطبع أي فرضيات برغبة رجل وامرأة للعيش سوياً في علاقة ليس لها أي أهداف أخرى غير صداقة تملأ الحياة. ومع هذه التهيئة والتنشئة، ينطلق انشاد المجتمع ومباركته وتفخيمه لدور الأمومة، واصفاً إياه بإنه "أعظم" و"أهم" و"أفضل" ما تقوم به المرأة بالاضافة إلى العديد من أفعال التفضيل الأخرى، ولا شك أن قيام الانسان بالتأثير بالايجاب في حياة انسان آخر في مرحلة دقيقة كالطفولة هو أمر جيد بل وعظيم أحياناً، ولكن قصة الأقدس والأعظم هذه تحتاج إلى إعادة نظر، فهل كانت الأم تريزا لتقوم بعمل "أعظم" لو قررت الزواج وانجاب أطفال؟ لا أظن، هل كانت فلورنس نيتينجيل (السيدة ذات المصباح) رائدة التمريض قد تخلت عن الدور "الأعظم" ورضيت بما هو أقل حين أحدثت ثورة في عالم التمريض؟ أشك، هل أعظم ما فعلته ماري كوري هو انجاب ابنتيها أم دورانها حول العالم بالأجهزة الطبية التي استفادت من اكتشافاتها لتوفيرها للمرضى؟ خاصة في وقت مثل الذي نحن فيه حيث طغى "كم" البشر على "كيفهم" فصرنا 6 بلايين نسمة، والحمد لله لقد تأكد أن "النوع" ليس في خطر واننا قد أدينا دوراً عظيماً في المحافظة عليه (وإن كان - كما قال الكاتب الساخر محمد عفيفي - تأمل هذا "النوع" يحدث شكوكاً في ضرورة "المحافظة" عليه).
سيقول لك معظم الناس أن دور الأم هو التربية، بينما ما يقصدونه في الحقيقة هو "الخدمة"، فنحن لا نتحدث إلا عن تنظيف الأطفال وتحضير الطعام واستذكار الدروس وما إليها من مهام، وهذه المهام في الحقيقة في السنوات الأولى من عمر الطفل تستغرق يوم الانسان كله، فالانسان – في أول سنوات عمره، هو ماكينة للأكل وإخراج الطعام والاتساخ، ويحتاج إلى ماكينة أخرى لملاحقة هذه العمليات، وتلام الأم كثيراً وتعتبر غير كفء إذا قصرت في أداء هذه المهام "المقدسة"، بينما التربية موضوع آخر لا علاقة له بمثل هذه الأمور، ويمكن أن يربي الانسان طفلاً دون أن ينظف حفاظة في حياته، وفي الحقيقة – أنا أشك كثيراً أن الانسان بعد أن يقضي ليله مستيقظاً بجوار طفل باك، ثم يبدأ نهاره بتنظيف حفاظات وتحضير ست زجاجات رضاعة، يمكن أن يبقى منه شيء "يربي" به، إنما الباق منه غالباً هو ما يرى في أي أم لديها طفل صغير – شخص مرهق متعب، يثور لأتفه الأسباب، وحلمه الأول ليلة نوم غير متقطع. أنا أعتذر لو كنت أشوه صورة جميلة كانت في أذهان القراء من مشاهدة صور الأمهات السعيدات الحاملات أطفالهن المبتسمين اللامعين – فالحقيقة غير ذلك. فإنك إن أردت تربية، أي أم وأب يلتفتون لما هو هام وحقيقي في حياة أبناءهم ووينقلون لهم حتى قبل أن تتفتح عقولهم أخلاقاً سوية، فعلى المجتمع أن يقوم بدوره في توفير الخدمات للأم والأب، من دور رعاية وخدمات صحية "على مستوى لائق" يسمح لهم بالاطمئنان على أبنائهم فيها، والاحتفاظ بالطاقة الكافية لعملية التربية "الحقيقية" المضنية، وينقلنا هذا للنقطة الهامة الأخرى في الموضوع. يكاد المجتمع كله يغني بأن الأمومة أهم من العمل، وأن الأمومة لو تعارضت مع العمل فعلى الأم أن تضحي بهذا العمل أياً كان غير آسفة، وتسمع عبارات طنانة في هذا المضمار تقشعر منها الأبدان حول قدسية المهمة المذكورة أعلاه (ولا أعرف أية قدسية في تغيير الحفاظات) بل وتتهم الأم التي ترفض هذه الفكرة بأفظع التهم، وتمتلأ أفلام السينما بقصص الأمهات اللائي أهملن أولادهن فسقطوا من الشرفة أو قتلتهم الخادمة أو غرقوا في الحمام ... إلى آخر القصص المرعبة. وفي الحقيقة لست أدري بادئ ذي بدء ما الذي جعل المرأة "تشتري" ما باعه لها المجتمع من "بضاعة فاسدة" بأن الأولاد مهمتها وحدها، بالرغم من حرمانه لها حتى من أن ينتسبوا إليها، المهم، اشترت المرأة وتنازلت في هذا المضمار عن آخر ما كان من الممكن أن يجعلها أماً جيدة، وهو احتفاظها بحياة يمكن وصفها بالانسانية خارج نظاق إعداد الطعام وارضاع الأطفال. فالأم التي تعمل، سواء كان عملها مدفوع الأجر أم لا، تحتك بالحياة الحقيقية خارج نطاق المنزل الضيق، وتنمي شخصيتها وعقلها وخبرتها، وتصقل مهاراتها وتدرك دوران الحياة من حولها، بالشكل الذي يؤلها – لو كانت تهتم بذلك بالطبع – أن تكون أكثر وعياً بدرجة أو بأخرى، فلا تسقط بين عجلات الحياة وتنفصل عنها بالكامل، فما يكاد ابنها أو ابنتها يصلان لسن الدراسة حتى تفاجئ بأنهم يتعرضون لما لا تعرف عنه شيئاً ويحدثانها فيما تجهله، وباستمرار الانفصال عن الحياة تعجز عن "التربية" في مقابل قدرتها على "الخدمة"، بالطبع كل الشروط السابقة تنطبق أيضاً على "الأب" الذي للأسف كثيراً ما يتخلى عن الدوران – سواء التربية أو الخدمة – نافضاً يديه منهما بحجة أنهما مهمة المرأة "المقدسة" إلا إن ضميره لا يؤنبه لأن تلك مهمة "النساء"، لننتهي بما نحن فيه: أولاد أنظف لا يشعرون حتى بمحبة والديهم، لأن هذين الوالدين عاجزين عن القيام بدورهما في "التربية"، وللأسف كل هذا وهم يظنان إنهما فد قاما بكل ما يجب عليهما وأكملا السعي. أنا أعرف إن ما أقوله الآن سيبدو صعباً وقاسياً ولكنه – من وجهة نظري – أكثر رحمة بكثير مما نحن فيه. البشرية ليست بحاجة لكل هؤلاء الأطفال، بقدر ما هي بحاجة لمن يحب هؤلاء الأطفال عن حق، لا ينجبهم ليتملكهم، فلنفكر ألف مرة قبل أن نقرر انجاب طفل جديد، فانجاب الأطفال ليس مجالاً للتضحية بالنفس، لأنك حين تتنازل عن جزء من نفسك لأجل طفل، إنما أنت تتنازل عن جزء من تربيته، لأنه – شئنا أم أبينا – يقرأنا ويتشربنا في شخصيته ولا يستمع إلا لـ1% على الأكثر من كلامنا، فلو ضحينا بجزء من كياننا لنمتلك طفل، فثق إننا "نأخذ" من حقوقه ولا "نعطي". وتلك للأسف معضلة الانجاب، وهو ما لا تفهمه لا الأمهات ولا الآباء ويعمل المجتمع بكل طاقته على ألا تفهمه الأم بالذات، فنحن نشجع الأم على التضحية بكيانها من أجل أبناءها، ولا أعرف بادئ ذي بدء لماذا اعتبرنا – كمجتمع – أن أبناءها أولى منها انسانياً، أن تعتبرهم هي أولى هذه واحدة، أما أن نضحي نحن بها كانسانة من أجل آخرين، ولا تصدقوا أعزائي إن الأم تختار بإرادتها الحرة، بإرادتها نعم، أم "الحرة" فهذا فيه قولان، فكم التلقين وغسيل الدماغ الذي الذي تتعرض له المرأة إنما يشككن كثيراً في كون إرادتها حرة. فلا أدري لهذا سبباً إلا المزيد من أنانية المجتمع الذي يحصل من هذه الأم على خدمات مجانية، يخدعها أمامها بمعسول الكلام، فالأم – في العالم كله – تقوم بأدوار واجبة على الدولة في ظل المجتمع الحديث، وهذا بدون أجر ولا شكر، إنما باعتباره – كما يلقنها المجتمع – دورها الأساسي، ولو كان المجتمع والدولة مهتمان حقيقة بتربية الأطفال لبذلوا الجهد لتوفير "وقت" كاف للأم تقضيه مع أبناءها فيما يفيد من أنشطة تتم التربية من خلالها مثل اللعب والتنزه والأعمال الاجتماعية المشتركة ومساعدة الآخرين ... إلخ، لكننا لا نجد أي جهد من المجتمع في هذا المجال، بل بتخلى المجتمع عن دوره الخدمي فلا يتبقى للأم وقت حتى لتسمع ما يقوله ابنها فتصرخ فيه عند أول فرصة، بل وأجزم أن كثير من الأمهات – خاصة أولئك اللائي تتعدى أحلامهن إرضاع طفل – يشعرن بالنقمة على هذا الدور ويدرن مع هذه النقمة في حلبة تأنيب الضمير لأن المجتمع يخبرهن إن هذا هو الدور المقدس وإن شعورهن بأنهن يردن ما هو أكثر إنما هو جريمة لا ترتكبها إلا أم فقدت مشاعر الأمومة وخرجت عن الانسانية.
وتخرج عن القواعد السابقة الأم التي تسمح لها ظروفها الاقتصادية بتوفير المساعدة في الأعمال الخدمية للطفل كتوفير المربية أو مساعدة المنزل، ولكن للأسف، نتيجة اعتقاد الأم الراسخ من تلقين المجتمع لها بأنه مادام طفلها نظيفاً وشبعاناً ونائماً في فراشه فهي "تربيه" على نحو جيد، فمعظم هؤلاء الأمهات كذلك لا يقمن بالدور الواجب في "التربية" الحقيقية" للأطفال. وفي كثير من الأحيان لو سألت الآخرين عن أكثر الأشخاص تأثيراً في حياتهم فلن تكون الاجابة: الأب أو الأم، إنما في الأغلب شخص آخر، قام بقصد أو غير قصد بدور "التريية" الذي يفتقده الانسان في بيته لتفشي مفهموم الخدمة وتوفير كل التسهيلات له، مقابل التنازل عن التربية. ويصف المجتمع الأم بأنها مدرسة، ورسالة إلخ إلخ، ويحدث هذا على مستوى العالم، وليس له تقريباً استثناءات. وتمتلأ أدبيات المجتمعات – المتخلفة خصوصاً – بالتحذير من طغيان أي دور آخر على الأمومة وتحقير لترك الأطفال للمربية أو الخادمة، أو تفضيل العمل أو غيره على المهمة المقدسة. واسمحوا لي أولاً أن أفحص هذا الخطاب قبل فحص قدسية المهمة نفسها. فحين ينزل هذا الخطاب للواقع العملي يظهر الوجه القبيح على حقيقته، وتظهر المهمة المقدسة التي تضحي الأم لأجلها بالكثير من انسانياتها وأحلامها على حقيقتها. فإذا كانت تربية الأبناء والأمومة هي أمر عظيم جليل تكاد تعجز الكلمات عن وصفه، فلماذا هي سبة يا ترى أن يلقب شخص بإنه "تربية ستات"؟ وإذا كان هذا الشخص أنثى فهذا اللقب يعني غالباً "إنفلات عيارها" وسوء أخلاقها لأنها لم تجد رجلاً يربيها، هذه أول علامة استفهام. وإذا كانت الأم مقدسة إلى هذا الحد فلم يكون اسمها عورة تخبأ، وتقوم معارك تسيل فيها الدماء جزاءاً وفاقاً لأن شخصاً ما تجرأ على دعوة شخص آخر باسم أمه؟ وإذا كانت الأمومة بهذه الطهارة فلم تكون أعضاء الأم – خاصة الجنسية منها – أسماء للسباب، يعاقب عليه القانون – أي يعترف القانون نفسه بأنها سباب، وقبل أن نستنتج من هذا أن تلك قيم الشارع وليس قيم المجتمع الحقيقية فلننظر نظرة للقانون – نظرة عابرة: القانون – بادئ ذي بدئ لا يمنع نسب الأطفال للأم فحسب، بينما لا يمانع في نسبهم للأب فحسب، بالرغم من أن نسب الأم هو النسب المؤكد في حياة الانسان، كما يحرم القانون ذاته الأم من الأبناء إذا تزوجت غير والدهم بالرغم من عدم تطبيق نفس القاعدة على الأب، ويعطي القانون الأب الحق في سحب الحضانة من الأم لو انطبقت عليها ما يجعلها "أم غير كفء" بينما لا يقوم هذا البند على الأب إلا في حالات صعبة جداً مثل الإيذاء البدني المبرح، ويكفي أن تكون الأم ممن يتطلب عملهن الخروج ليلاً لكي يستطيع الأب الدفع بعدم صلاحيتها للأمومة. ولا يعترف القانون بالأم – المقدسة – لاستخراج شهادة ميلاد الطفل، ولا الوصاية عليه ولا يعترف بها كولي أمر، إنما يجب أن يقوم بكل هذا الأب – الغير مقدس! وفي مستشفيات الولادة – وقد تحدثت كثيراً في هذا الموضوع وسأتحدث كثيراً أيضاً – تستقبل الأم أول أيامها في الأمومة بمعاملتها على إنها حيوان – في مستشفى حلوان العام قال الطبيب للأم – التي يكرمها المجتمع بشفتيه ويلعنها بالفعل – هل ستلدين اقتصادي أم مجاني؟ فسألته وما الفارق؟ فال لها اقتصادي تلدين الآن، مجاني تلدين في الصباح" ولما كانت الأم توشك على الولادة فعلا ًولا تملك مالاً فقد رجته أن يولدها – الساعة الثانية والنصف صباحاً – وطبعاً رفض. بالرغم من أن زملائه النائمون في نفس الغرفة معه – القريبة جداً من عنابر الولادة – رجوه أن يستيقظ ويولدها ... لماذا؟ لأنهم عاجزون عن النوم بسبب صراخها، بينما هو – بحكم المهنة – معتاد تماماً على النوم في هذه الأصوات. الأم مدرسة؟ لا يا عزيزي، الدنيا مدرسة. وستنفق وزارة الصحة مبالغاً طائلة على أدوية وعلاجات العجز الجنسي للرجال قبل أن تفكر في تحسين أوضاع مستشفيات النساء والولادة أو توفير أبسط ما يجعل الولادة نفسها عملية انسانية – كما يجب أن تكون. وقد قال لي يوماً واحداً من أصدقائي طيبي القلب "انت ليه بتنزلي الكشك؟ ده أقذر مكان في كل المستشفيات؟" بالحق قد قال، وهناك يلقن المجتمع الأم – الفقيرة طبعاً – أول درس في تقديره للأمومة. ألا ينتظر بعد هذا كله، أن تشعر المرأة – خاصة بعد الولادة، بالاكتئاب لأسباب تجهلها؟ برئوا الهرمونا ت من هذه الاتهامات، لأنها تشبه التواكل على القضاء والقدر، فما دامت هرمونات فهي في "طبيعة" المرأة وليس بيدنا شيء إلا أن نوعي المسكينة أن هذا هو الطبيعي لأنها خلقت امرأة، وربما نحشوها بمضادات الاكتئاب – الذي تسببه حبوب منع الحمل – ثم نحشوها بهرمونات أخرى تعوض الهرمونات الأولى المفقودة، وبعد أن نعبث نحن بكل ما هو أصلى وطبيعي، نلقي اللوم على الهرمونات الملعونة – أي هراء هذا؟ ألعل أسبابي لكي أعتقد أن المجتمع كله يضحك على المرأة ويضللها لتقوم بدور يستفيد هو منه وتخسر هي فيه في معظم الأحيان كافية؟ وعلى كل حال، فنحن لا ننتظر من المرأة على هذا الحال تربية بالمعنى الانساني، لأن التربية مثلها مثل الفن، ما لم يتعرض الفنان لم يثير روحه ويقلب فكره يعجز عن إخراج أي عمل فني حقيقي – حتى لو تفرغ لهذا الفن عمره كله ولم يفعل شيئاً بل، بل خاصة لو فعل ذلك.
وما علاقة هذا كله بقصة اكتئاب المرأة وانفعالاتها؟ هل تتذكر موقف كنت تتنتظر فيه هدية طال الوعد بها لتفتح الصندوق وتجده فارغاً؟ هل تذكر ما شعرت به في هذا الوقت؟ إن هذا هو حال المرأة/الأم في معظم الأحيان، أعراض انقطاع الدورة الشهرية تسسبها تغير مستوى الهرمونات؟ أم أن تجد نفسها في الخمسين من العمر قد ربت أبناءاً انفصلوا عنها وما فعلت شيئاً مما كانت تحلم به في عشريناتها إلا القشور، والشعور العظيم الذي وعدوها به لا تجد منه شيئاً، وقد فقدت أهم مقوماتها في نظر المجتمع وهو كونها امرأة في سن الشباب والانجاب، وبما أن مواصفاتها الجسدية هي أهم مقومات المرأة في الحياة عموماً فهي لا تدري ماذا تفعل وهذه المواصفات تتغير، وإذا كانت عاملة ستنظر حولها لتجد رجالاً من نفس سنها وخبرتها قد تقدموا في العمل أكثر منها بينما هي في إجازات الوضع ورعاية الطفل تقوم بأعمال كفء لها أي فتاة بلا تعليم ولا خبرة، وحتى لو تقدمت في وظيفتها فلن تعدم التمييز لأن المرأة "لا تصلح للمناصب القيادية"، "خاصة بعد سن الخمسين"، هذا طبعاً مع قدر لا بأس به من السخرية، والنظريات العلمية اللوذعية التي تتبادلها النساء أنفسهم، فتصير هذه المرحلة اسم على مسمى: سن اليأس، انخفاض مستوى الهرمونات؟ عفواً، أين هي أذنك يا جحا؟

<
eXTReMe Tracker
Office Depot Coupon Codes
Office Depot Coupon Codes